ترتبط بعوالم ارقى من عالم الحس الذي يعيشه الانسان، فيكون من الطبيعي أن يواجه الانسان صعوبات كبيرة اذا حاول تحديد المعنى في مصداق معين، وتجسيد المفهوم في الذهن ضمن واقع خاص.
وقد يتساءل هنا عن الضرورة التي دعت القرآن الكريم الى ان يتعرض لمثل هذه المعاني التي يستعصي تفسيرها على الذهن البشري، فيخلق بذلك صعوبات ومشاكل هو في غنى عنها.
ولكن الواقع أنّ القرآن الكريم لم يكن بامكانه ان يتفادى هذه الصعوبات والمشاكل، لأن القرآن بوصفه كتاب دين يستهدف بصورة رئيسية ربط البشرية بعالم الغيب، وتنمية غريزة الايمان بالغيب فيها، ولا يتحقق ذلك إلّاعن طريق تلك الموضوعات التي تنبه الانسان الى صلته بعالم أكبر من العالم المنظور، وإن كان غير قادر على الإحاطة بجميع أسراره وخصوصياته.
التفسير بوصفه علماً:
وأمّا التفسير بوصفه علماً فهو علم يبحث فيه عن القرآن الكريم بوصفه كلاماً للَّهتعالى[1].
وتوضيح ذلك: أنّ القرآن الكريم له عدة اعتبارات: فهو تارة يُلحظ بوصفه حروفاً كتابية ترسم على الورق واخرى: يُلحظ بوصفه أصواتاً نقرؤها ونرددها بلساننا، وثالثة: يُلحظ باعتباره كلاماً للَّهتعالى.
والقرآن الملحوظ بأي واحد من هذه الاعتبارات يقع موضوعاً لعلم يتكون
[1] قارن هذا التعريف بما ذكره الزركشي في البرهان 1: 13، وما نقله الذهبي عن بعضهم في« التفسير والمفسرون» 1: 15، وما ذكره الزرقاني في« مناهل العرفان» 1: 481.( المؤلّف قدس سره)