وبالنسبة الى الخصيصة الثالثة: فلعل التأكيد على الاخلاق في القسم المكي دون المدني كان بسبب العوامل الثلاثة التالية:
أ- إنّ الاخلاق تعتبر قاعدة النظام الاجتماعي، فالتأكيد عليها يعني- في الحقيقة- ارساء لقاعدة النظام الاجتماعي الذي يستهدفه القرآن.
ب- كما أنّ الدعوة كانت بحاجة- من اجل نجاحها- الى استثارة العواطف الانسانية الخيرة، ليكون نفوذها في المجتمع وتأثيرها في الافراد عن طريق مخاطبة هذه العواطف، والأخلاق هي الأساس الحقيقي لكل هذه العواطف، وهي الرصيد الذي يمدها بالحياة والنمو.
ج- إنّ المجتمع المدني كان يمارس الأخلاق من خلال التطبيق الذي كان يباشره الرسول محمد صلى الله عليه و آله بنفسه، فلم يكن بحاجة كبيرة إلى التأكيد على المفاهيم الأخلاقية، على العكس من المجتمع المكي الذي كان يعيش فيه المسلمون حياة الاضطهاد، وكان يمارس التطبيق فيه الأخلاق الجاهلية.
وبالنسبة للخصيصة الرابعة: نجد القصص تتناول- من حيث الموضوع- أكثر النواحي التي عالجها القرآن الكريم، من العقيدة بالاله الواحد وعالم الغيب والوحي والأخلاق والبعث والجزاء، بالإضافة الى أ نّها تصور المراحل المتعددة للدعوة والمواقف المختلفة منها، والقوانين الاجتماعية التي تتحكم فيها وفي نتائجها، والمصير الذي يواجهه أعداؤها.
والى جانب ذلك تعتبر القصة في القرآن أحد اسباب الاعجاز فيه، وأحد الأدلة على ارتباطه بالسماء.
وكل هذه الامور لها صلة وثيقة بالظروف التي كانت تمر بها الدعوة في مكة، ولها تأثير كبير في تطويرها لصالح الدعوة واهدافها الرئيسية.
ومع كل هذا لم يهمل القسم المدني القصة مطلقة، بل تناولها بالشكل الذي