ب- اسلوب القسم المكي يمتاز بقصر السور والآيات:
وقالوا أيضاً: إنّ من الملاحظ قصر السور والآيات في القسم المكي على عكس القسم المدني الذي جاء بشيء من التفصيل والاسهاب؛ فنحن نجد أنّ السور المكية جاءت قصيرة ومعروضة بشكل موجز، في الوقت الذي نجد في القسم المدني سورة البقرة وآل عمران والنساء وغيرها من السور الطوال.
وهذا يدل على انقطاع الصلة بين القسم المكي والقسم المدني، وتأثرهما بالبيئة التي كان يعيشها محمد صلى الله عليه و آله، فإنّ مجتمع مكة لما كان مجتمعاً ا مّياً لم يكن النبي بقدرته التبسط في شرح المفاهيم وتفصيلها، وانما واتته القدرة على ذلك عندما أخذ يعيش مجتمع المثقفين المتحضر في يثرب.
وتناقش هذه الشبهة بالامرين التاليين:
الاول: أنّ القصر والايجاز ليسا مختصين بالقسم المكي، بل توجد في القسم المدني سور قصيرة أيضاً كالنصر والزلزلة والبينة وغيرها، كما أنّ الطول والتفصيل ليسا مختصين بالقسم المدني، بل توجد في المكي أيضاً سور طويلة، كالانعام والاعراف.
وقد يقصد من اختصاص المكي بالقصر والايجاز: أنّ هذا الشيء هو الغالب الشائع فيه.
وقد يكون هذا صحيحاً، ولكنه لا يدل بوجه من الوجوه على انقطاع الصلة بين القسمين المذكورين من القرآن الكريم، لأنه يكفي في تحقيق هذه الصلة ان يأتي القرآن الكريم ببعض السور الطويلة المفصلة في القسم المكي، كدليل على القدرة والتمكن من الارتفاع الى مستوى التفصيل في المفاهيم والموضوعات.
بالإضافة الى أنّ من الملاحظ وجود آيات مكية قد اثبتت في السور المدنية وبالعكس، وفي كلا الحالتين نجد التلاحم والانسجام في السورة، وكأ نّها