في اسلوبها وايجازها لا نستطيع أن نقول بأ نّها مكية لأجل ذلك، إذ من الممكن أن تنزل سورة مدنية وهي تحمل بعض خصائص الاسلوب الشائع في القسم المكي.
صحيح أ نّه يغلب على الظنّ أنّ السورة مكّية لقصرها وإيجازها، ولكنّ الأخذ بالظنّ لا يجوز؛ لأنّه قول من دون علم.
وأمّا إذا أدّت تلك المقاييس الى الاطمئنان والتأكد من تأريخ السورة وأ نّها مكية أو مدنية فلا بأس بالاعتماد عليها عند ذاك.
ومثاله النصوص القرآنية التي تشتمل على تشريعات للحرب والدولة مثلًا، فإنّ هذه الخصيصة الموضوعية تدل على أنّ النص مدني، لأنّ طبيعة الدعوة في المرحلة الاولى التي عاشتها قبل الهجرة لا تنسجم اطلاقاً مع التشريعات الدولية، فنعرف من أجل هذا أنّ النص مدني نزل في المرحلة الثانية من الدعوة، اي في عصر الدولة.
الشبهات المثارة حول المكّي والمدني:
لقد كان موضوع المكي والمدني من جملة الموضوعات القرآنية التي اثيرت حولها الشبهة والجدل، وتنطلق الشبهة هنا من اساس هو: أنّ الفروق والميزات التي تلاحظ بين القسم المكي من القرآن الكريم والقسم المدني منه تدعو في نظر بعض المستشرقين الى الاعتقاد بأنّ القرآن قد خضع لظروف بشرية مختلفة- اجتماعية وشخصية- تركت آثارها على اسلوب القرآن وطريقة عرضه، وعلى مادته والموضوعات التي عنى بها.
ويجدر بنا قبل ان ندخل في الحديث عن الشبهات ومناقشتها أنْ نلاحظ الأمرين التاليين، لما لهما من تأثير في فهم البحث ومعرفة نتائجه:
الأوّل: أ نّه لا بد لنا ان نفرق منذ البدء بين فكرة تأثر القرآن الكريم، وانفعاله بالظروف الموضوعية من البيئة وغيرها بمعنى انطباعه بها، وبين فكرة