مجرّد حادث عابر في حياة الدعوة، وإنّما هي حد فاصل بين مرحلتين من عمر الدعوة، وهما مرحلة العمل الفردي ومرحلة العمل ضمن دولة، ولئن كان بالامكان تقسيم كل من هاتين المرحلتين بدورها أيضاً، فمن الواضح على أي حال أنّ التقسيم الرئيسي هو التقسيم على اساس الهجرة.
فاذا ميّزنا بين الآيات النازلة قبل الهجرة وما نزل منها بعد الهجرة استطعنا أن نواكب تطوّرات الدعوة والخصائص العامة التي تجلت فيها خلال كل من المرحلتين.
وأما مجرد أخذ مكان النزول بعين الاعتبار واهمال عامل الزمن فهو لا يمدنا بفكرة مفصلة عن هاتين المرحلتين، ويجعلنا نخلط بينهما، كما يحرمنا من تمييز الناسخ عن المنسوخ من الناحية الفقهية.
فلهذا كله نؤثر الاتجاه الاول في تفسير المكي والمدني، وعلى هذا الاساس سوف نستعمل هذين المصطلحين.
طريقة معرفة المكي والمدني:
بدأ المفسرون عند محاولة التمييز بين المكي والمدني بالاعتماد على الروايات والنصوص التأريخية، التي تؤرخ السورة أو الآية وتشير الى نزولها قبل الهجرة او بعدها، وعن طريق تلك الروايات والنصوص التي تتبعها المفسرون واستوعبوها استطاعوا أن يعرفوا عدداً كبيراً من السور والآيات المكية والمدنية ويميزوا بينها.
وبعد أن توفّرت لهم المعرفة بذلك اتجه كثير من المفسرين الذين عنوا بمعرفة المكي والمدني الى دراسة مقارنة لتلك الآيات والسور المكية والمدنية