من التفكير والتدبّر كانت الامة التي صنعها الكتاب الكريم مصدر العلم والثقافة في العالم، بدلًا عن خرافات البوم والغيلان، حتى اعترف المؤرخون الاوربيون بهذه الحقيقة أيضاً؛ فقال الدوري الوزير والمؤرّخ الفرنسي: «إنّ النبي جمع قبائل العرب امّة واحدة رفعت أعلام التمدن في أقطار الارض، وكانوا في القرون المتوسطة مختصين بالعلوم، من بين سائر الامم، وانقشعت بسببهم سحائب البربرية التي امتدت على اوربا».
ج- تحرير القرآن للانسان من عبودية الشهوة:
كما حرّر القرآن عقيدة الانسان من الوثنية وعقله من الخرافة كذلك حرر إرادته من سيطرة الشهوة، فصار الانسان المسلم- نتيجة لتربية القرآن له- قادراً على مقاومة شهواته وضبطها والصمود في وجه الاغراء وألوان الهوى المتنوعة؛ وفيما يلي نموذج قرآني من نماذج تغذية هذا الصمود وتركيزه في نفوس المسلمين:
قال اللَّه تعالى: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ* قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ»[1].
بهذا وغيره من نماذج التربية والترويض استطاع القرآن والاسلام ان يحرر الانسان من العبودية لشهواته الداخلية التي تختلج في نفسه، لتُصبح الشهوة اداة
[1] آل عمران: 14، 15