وقد حثّ القرآن بصورة خاصة على التفكير في الكون، والتأمّل في أسراره، واكتشاف آيات اللَّه المنتشرة فيه، ووجّه الانسان هذه الوجهة الصالحة بدلًا عن التشاغل بخرافات الماضين وأساطيرهم:
«قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ»[1].
«قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ»[2].
«أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها»[3].
«أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ»[4].
ولم يكتف القرآن بالحث على دراسة الكون وما فيه من اسرار بل ربط ذلك بالايمان باللَّه واعلن أنّ العلم هو خير دليل للايمان باللَّه وأنّ الايمان يتأكّد كلما اكتشف الانسان وتقدم في ميادين العلم لانه يطلع على عظيم آيات اللَّه، وحكيم صنعه وتدبيره، قال اللَّه تعالى: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»[5].
وبذلك أعطى القرآن مفهوم مواكبة الايمان للعلم، وأنّ العقيدة باللَّه تتمشى مع العلم على خط واحد، وأنّ اكتشاف الأسباب والقوانين في هذا الكون يعزز هذه العقيدة بأنه يكشف عن عظيم حكمة الصانع وتدبيره.
وعلى أساس هذا الموقف القرآني، وما رفضه من التقليد، وما شجع عليه
[1] يونس: 101
[2] العنكبوت: 20
[3] الحج: 46
[4] الغاشية: 17
[5] فصلت: 53