يد عثمان وترك يد علي مبسوطة تنتظر من يبايع. جعل عثمان خليفة، وأقصى عليّاً عليه السلام عن الخلافة.
قد تقولون: إنّ هذه معصية، هذا كترك الصلاة؛ لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله جعل علياً خليفة بعده بلا فصل.
هذا صحيح، تولّي علي بن أبي طالب أهمّ الواجبات، ولكن افرضوا- وفرض المحال ليس بمحال- لو أنّ رسول اللَّه لم ينصّ على علي بن أبي طالب، أكان هذا الموقف من عبد الرحمن بن عوف مهضوماً؟ أكان هذا الموقف من عبد الرحمن بن عوف صحيحاً؟ لو تركنا كل نصوص الرسول، لو تركنا حديث الغدير[1]، حديث الثقلين[2] لو تركنا كل ذلك، لكن بمنطق حبّ اللَّه وحبّ الدنيا، بمنطق الحرص على الإسلام، بمنطق الغيرة على الدين وعلى المسلمين، أكان هذا الموقف من عبد الرحمن بن عوف سليماً: أن يطرح يد علي عليه السلام مبسوطة دون أن يبايعها، ويبايع إنساناً غير جدير بأن يتحمل الأمانة، أن يبايع عثمان بن عفان؟
إذن المسألة هنا ليست فقط مسألة نصّ وإنّما المسألة هنا مسألة حبّ الدنيا، مسألة خيانة الأمانة؛ لأن حبّ الدنيا يعمي ويصم. حبّ عبد الرحمن بن عوف للدنيا أفقد الصلاة معناها، أفقد الصيام معناه، أفقد شهر رمضان معناه، أفقد كل شيء مغزاه الحقيقي ومحتواه النبيل الشريف.
«حبّ الدنيا رأس كل خطيئة» وحبّ اللَّه سبحانه وتعالى أساس كل كمال، حبّ اللَّه هو الذي يعطي للإنسان الكمال، العزة، الشرف، الاستقامة، النظافة،
[1] الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 36، الرياض النضرة 2: 126 و 127
[2] معاني الأخبار: 90- 91، الحديث 1 و 2 و 3 و 4 و 5