الحساس في قلب فرعون، وأنّ فرعون كان بحاجة إلى كلام من هذا القبيل، فتسابقوا إلى هذا الكلام لكي يجعلوا فرعون يعبّر عمّا في نفسه ويتّخذ الموقف المنسجم مع مشاعره وعواطفه وفرعونيته.
الطائفة الثالثة:
الطائفة الثالثة في عملية التجزئة الفرعونية لمجتمع الظلم: اولئك الذين عبّر عنهم الإمام عليّ عليه الصلاة والسلام ب «الهمج الرعاع»، جماعة هم مجرّد آلات مستسلمة للظلم، لا تحسّ حتى بالظلم، لا تدرك أ نّها مظلومة ولا تدرك أنّ في المجتمع ظلماً. هي آلات تتحرك تحركاً آلياً، تحركاً يشبه التحرك الميكانيكي للآلة، تحرّك التبعية والطاعة دون تدبّر، دون وعي. سلب فرعون منها تدبّرها، عقلها، وعيها. ربط يدها به لا عقلها به، ولهذا فهي تحرّك يدها تحركاً آلياً وتستسلم للأوامر، للأوامر الفرعونية دون أن تناقشها، دون أن تتدبّرها، حتى بينها وبين نفسها لا بينها وبين الآخرين.
هذه الفئة طبعاً تفقد كل قدرة على الإبداع البشري في مجال التعامل مع الطبيعة، تفقد كل قابليات النمو؛ لأنّها تحوّلت إلى آلات، إذا وجد هناك إبداع في هذه الفئة إنّما هو إبداع من يحرك هذه الآلات، إبداع تلك الفرعونية التي تحرّك هذه الآلات. وأمّا هذه الفئة فلم تعد اناساً وبشراً يفكرون ويتدبّرون لكي يستطيعوا أن يحقّقوا لوناً من الإبداع على هذه الساحة. قال اللَّه سبحانه وتعالى:
«وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا»[1] لا يوجد في كلام هؤلاء ما يشعر بأ نّهم كانوا يحسّون بالظلم، أو كانوا يحسّون بأ نّهم مظلومون،
[1] الأحزاب: 67