من تنباك لبنان، هو من خمر الجزائر، نعم من خمر الجزائر؛ لأن الكافر المستعمر الذي استعمر الجزائر حوّل أرضها كلّها إلى بستان عنب لكي يقطف هذا العنب ويحوّله إلى خمر ليُسكر به العمّال، وليشعر اولئك العمّال بالنشوة والخُيَلاء؛ لأنّهم يشربون خمر الجزائر، يقطفون عنب الجزائر فيحوّلونه إلى خمر.
نعم ذلك النعيم كلّه من هذه المصادر، من هذه الينابيع. سكروا على خمر الجزائر ولم يسكروا على عرق جبين العامل الفرنسي أو الاوروبي أو الأمريكي.
إذن التناقض الذي جمّد ذلك التناقض والذي أوقف ذلك التناقض، هو هذا التناقض الأكبر، التناقض بين المحور الرأسمالي ككل بكلتا طبقتيه وبين الشعوب الفقيرة في العالم.
من خلال هذا التناقض وجد الرأسمالي الاوروبي والأمريكي أنّ مِنْ مصلحته أن يقاسم العامل شيئاً من هذه الغنائم التي نهبها مني ومنك، التي نهبها من فقراء الأرض والمستضعفين في الأرض، وأنّ من مصلحته أن يعطي نعمة منها، أن يسكر هو ويسكر العمّال أيضاً بخمر الجزائر، أن يتزيّن بماسّ تنزانيا ويتزين العامل أو زوجة العامل بماسة من ماسات تنزانيا، ولهذا نرى أنّ العامل بدأت حياته تختلف عن نبوءات (ماركس) ليس ذلك لأجل كرم طبيعي في الرأسمالي الاوروبي والأمريكي، وليس لتقوى، وإنّما هي غنيمة كبيرة كان من المفروض أن يعطي جزءاً منها لهذا العامل، والجزء وحده يكفي لأجل تحقيق هذا الرفاه بالنسبة إلى هذا العامل الاوروبي والأمريكي.
إذن الحقيقة التي يثبتها التاريخ دائماً هو أنّ التناقض لا يمكن حصره في صيغة واحدة، التناقض له صيغ متعددة؛ وذلك لأنّ كل هذه الصيغ تنبع من منبع واحد وهو التناقض الرئيسي، الجدل الإنساني، والجدل الإنساني لا تعوزه صيغة، إذا حُلّت صيغة وضعت صيغة اخرى مكانها. ليس من الصحيح أنّ نطوّق كل