الإنسان، نظرة واسعة منفتحة معمّقه لا تقتصر على لون من التناقض، ولا تهمل ألواناً اخرى من التناقض، بل هي تستوعب كل أشكال التناقض على مرّ التاريخ وتنفذ إلى عمقها وتكشف حقيقتها الواحدة وروحها المشتركة، ثم تربط كل هذه التناقضات، تربطها بالتناقض الأعمق، بالجدل الإنساني.
ومن هنا يؤمن الإسلام بأنّ الرسالة الوحيدة القادرة على حلّ هذه المشكلة التي يواجهها خط علاقات الإنسان مع الإنسان، هو تلك الرسالة التي تعمل على مستويين في وقت واحد، تعمل من أجل تصفية التناقضات الاجتماعية على الساحة، لكن في الوقت [نفسه] وقبل ذلك وبعد ذلك تعمل من أجل تصفية ذلك الجدل في المحتوى الداخلي للإنسان، من أجل تجفيف منبع تلك التناقضات الاجتماعية، ويؤمن الإسلام بأنّ ترك ذلك المعين من الجدل والتناقض على حاله والاشتغال بتصفية التناقضات على الساحة الاجتماعية بصيغها التشريعية فقط، هذا نصف العملية، النصف المبتور من العملية؛ إذ سرعان ما يفرز ذلك المعين صيغاً اخرى وفق هذه العملية التي سوف تستأصل بها الصيغ السابقة.
الحلّ الإسلامي للمشكلة:
فلابدّ للرسالة التي تريد أن تضع الحلّ الموضوعي للمشكلة أن تعمل على كلا المستويين، أن تؤمن بجهادين: جهاد أكبر سمّاه الإسلام بالجهاد الأكبر وهو الجهاد لتصفية ذلك التناقض الرئيسي، لحلّ ذلك الجدل الداخلي. وجهاد آخر، جهاد في وجه كل صيغ التناقض الاجتماعي، في وجه كلّ ألوان استئثار القوي للضعيف من دون أن نحصر أنفسنا في نطاق صيغة معينة من صيغ هذا الاستئثار؛ لأنّ الاستئثار جوهره واحد مهما اختلفت صيغه.