يواجهها كل واحد من هذين الخطين، ونوع الحلّ الذي ينسجم مع طبيعة تلك المشكلة.
علاقة الإنسان مع الطبيعة:
فالخطّ الأوّل الذي يمثّل علاقات الإنسان مع الطبيعة من خلال استثمارها ومحاولة تطويعها وإنتاج حاجاته الحياتية منها، هذا الخطّ يواجه مشكلة، وهي مشكلة التناقض بين الإنسان والطبيعة، وهذا التناقض بين الإنسان والطبيعة يعني تمرّد الطبيعة وتعصّيها عن الاستجابة للطلب الإنساني وللحاجة الإنسانية من خلال التفاعل ما بينهما. هذا التناقض بين الإنسان والطبيعة هو المشكلة الرئيسية على هذا الحظ.
وهذا التناقض له حلّ مستمدّ من قانون موضوعي يمثّل سنّة من سنن التاريخ الثابتة، وهذا القانون هو قانون التأثير المتبادل بين الخبرة والممارسة؛ ذلك لأنّ الإنسان كلما تضاءل جهله بالطبيعة وكلما ازدادت خبرته بلغتها وبقوانينها ازداد سيطرةً عليها وتمكّناً من تطويعها وتذليلها لحاجاته، وحيث إنّ كل خبرة هي تتولّد في هذا الحقل عادة من الممارسة، وكل ممارسة تولّد بدورها خبرة، ولهذا كان قانون التأثير المتبادل بين الخبرة والممارسة قانوناً موضوعياً يكفل حلّ هذا التناقض، يقدم الحلّ المستمر والمتنامي لهذا التناقض بين الإنسان والطبيعة؛ إذ يتضاءل جهل الإنسان باستمرار وتنمو معرفته باستمرار من خلال ممارسته للطبيعة، يكتسب خبرة جديدة، هذه الخبرة الجديدة تعطيه سيطرة على ميدان جديد من ميادين الطبيعة، فيمارس على الميدان الجديد، وهذه الممارسة بدورها أيضاً تتحول إلى خبرة، وهكذا تنمو الخبرة الإنسانية باستمرار ما لم تقع كارثة كبرى طبيعية أو بشرية.