المعركة. إذن سوف يستمر هذا الجانب من دور النبيّ من خلال الإمامة، فالإمامة هو الأصل الرابع من اصول الدين.
والأصل الخامس- هو الإيمان بيوم القيامة: هو الذي يوفّر الشرط الثاني من الشروط الأربعة التي تقدّمت، هو الذي يعطي تلك الطاقة الروحية، ذلك الوقود الربّاني الذي يجدّد دائماً إرادة الإنسان وقدرة الإنسان، ويوفّر الشعور بالمسؤولية والضمانات الموضوعية.
إذن اصول الدين في الحقيقة وبالتعبير التحليلي على ضوء ما ذكرناه هي كلّها عناصر تساهم في تركيب هذا المثل الأعلى وفي إعطاء تلك العلاقة الاجتماعية بصيغتها القرآنية الرباعية التي تحدثنا عنها قبل أيام.
كنا نقول- ماذا كنا نقول قبل أيام؟- بأن القرآن الكريم طرح العلاقة الاجتماعية ذات أربعة أبعاد لا ذات ثلاثة أبعاد، طرحها بصيغة الاستخلاف، وشرحنا في ما سبق صيغة الاستخلاف، وقلنا بأن الاستخلاف يفترض أربعة أبعاد، يفترض إنساناً وإنساناً وطبيعة واللَّه سبحانه وتعالى وهو المستخلف. هذه الصيغة الرباعية للعلاقة الاجتماعية هي التعبير الآخر عن صيغة تدمج اصول الدين الخمسة في مركّب واحد من أجل أن يسير الإنسان ويكدح نحو اللَّه سبحانه وتعالى في طريقه الطويل.
بما ذكرناه توضّح دور الإنسان في المسيرة التاريخية، توضّح أنّ الإنسان هو مركز الثقل في المسيرة التاريخية، وتوضّح أنّ الإنسان هو مركز الثقل لا بجسمه الفيزيائي وإنّما بمحتواه الداخلي، وهذا المحتوى الداخلي توضّح أيضاً من خلال ما شرحناه: أنّ الأساس في بناء هذا المحتوى الداخلي هو المثل الأعلى الذي يتبنّاه الإنسان؛ لأن المثل الأعلى هو الذي تنبثق منه كلّ الغايات