البشير النذير وحده، لا يكفي؛ لأنّ مرحلة الاختلاف تعني مرحلة انتصاب تلك المُثُل المنخفضة أو التكرارية، تعني وجود تلك الآلهة المزوّرة على الطريق، وجود تلك الحواجب والعوائق عن اللَّه سبحانه وتعالى. إذن لابدّ للبشرية من أن تخوض معركة ضد الآلهة المصطنعة، ضد تلك الطواغيت والمُثُل المنخفضة التي تنصب من نفسها قيّماً على البشرية وحاجزاً وقاطع طريق بالنسبة إلى المسيرة التاريخية، لابدّ من معركة ضد هذه الآلهة، ولابدّ من قيادة تتبنّى هذه المعركة، وهذه القيادة هي الإمامة، هي دور الإمامة. الإمام هو القائد الذي يتولّى هذه المعركة، ودور الإمامة يندمج مع دور النبوّة في مرحلة من النبوّة يتحدّث عنها القرآن، وسوف نتحدّث عنها إن شاء اللَّه تعالى ونقول بأ نّها بدأت في أكبر الظنّ مع نوح عليه الصلاة والسلام، ودور الإمامة يندمج مع دور النبوّة ولكنّه يمتد أيضاً حتى بعد النبيّ، إذا ترك النبيّ الساحة وبَعْدُ لا تزال المعركة قائمة، ولا تزال الرسالة بحاجة إلى مواصلة هذه المعركة من أجل القضاء على تلك الآلهة، حينئذٍ يمتد دور الإمامة بعد انتهاء النبيّ.
هذا هو الشرط الرابع في تبنّي المسيرة البشرية لهذا المَثَل الأعلى.
تفعيل اصول الدين للمسيرة البشرية:
على هذا الضوء سوف نكوّن رؤية واضحة لما نسمّيه باصول الدين الخمسة، سوف تقع اصول الدين الخمسة في موقعها الطبيعي، في موقعها الصحيح السليم من مسار الإنسان، اصول الدين الخمسة:
الأصل الأول- التوحيد: هو الذي يعطي الشرط الأول، هو الذي يعطي الرؤية الواضحة فكرياً وإيديولوجياً، هو الذي يجمع ويعبّئ كلّ الطموحات وكلّ الغايات في مثل أعلى واحد وهو اللَّه سبحانه وتعالى.