الذي ينعش إرادة الإنسان ويحفظ له دائماً قدرته على التجديد والاستمرار.
هذا ثانياً.
ثالثاً: أنّ هذا المثل الأعلى الذي تحدّثنا عنه يختلف عن المثل العليا الاخرى التكرارية والمنخفضة التي تحدّثنا عنها سابقاً، على أساس أنّ هذا المثل منفصل عن الإنسان، ليس جزءاً من الإنسان، ليس من إفراز الإنسان، بل هو منفصل عن الإنسان، هو واقع عيني قائم هناك، قائم في كلّ مكان وليس جزءاً من الإنسان. هذا الانفصال يفرض وجود صلة موضوعية بين الإنسان وهذا المثل الأعلى. لابدّ من صلة موضوعية بين هذا الإنسان وبين ذلك المثل الأعلى، بينما المثل الاخرى السابقة كانت إنسانية، كانت إفرازاً بشرياً لا حاجة إلى افتراض صلة موضوعية. نعم هناك طواغيت وفراعنة على مرّ التاريخ نصبوا من أنفسهم صلات موضوعية بين البشرية وبين آلهة الشمس، آلهة الكواكب، لكنّها صلة موضوعية مزيّفة؛ لأنّ الإله هناك كان وهماً، كان وجوداً ذهنياً، كان إفرازاً إنسانياً، أمّا هنا فالمثل الأعلى منفصل عن الإنسان، ولهذا كان لابدّ من صلة موضوعية تربط هذا الإنسان بذلك المَثَل الأعلى.
وهذه الصلة الموضوعية تتجسّد في النبيّ، في دور النبوّة، فالنبي هو ذلك الإنسان الذي يركّب بين الشرط الأول والشرط الثاني بأمر اللَّه سبحانه وتعالى، بين رؤية إيديولوجية واضحة للمَثَل الأعلى وطاقة روحية مستمدّة من الإيمان بيوم القيامة، يركّب بين هذين العنصرين ثم يجسّد بدور النبوة، الصلة بين المَثَل الأعلى والبشرية ليحمل هذا المركّب إلى البشرية بشيراً ونذيراً.
هذا ثالثاً.
ورابعاً: البشرية بعد أن تدخل مرحلة يسميها القرآن بمرحلة الاختلاف على ما يأتي إن شاء اللَّه شرحه في الأيام القليلة الآتية، سوف لن يكفي مجيء