ولمّا كان كلّ مثل من هذه المثل العليا التي تتحوّل إلى تمثال ضمن ظروف تطوّرها بالشكل الذي شرحناه فيما سبق، حينما تتحوّل إلى تمثال تجد في مجموعة من الناس، تجد فيهم مدافعين طبيعيين عنها باعتبار أنّ مجموعة من الناس ترتبط مصالحهم، ترفهم، كيانهم المادي والدنيوي ببقاء هذا المثال الذي تحوّل إلى تمثال، ولهذا يقف دائماً هؤلاء الذين يرتبطون مصلحياً بهذا التمثال، يقفون دائماً في وجه الأنبياء ليدافعوا عن مصالحهم، عن دنياهم، عن ترفهم.
ومن هنا أبرز القرآن الكريم سنة من سنن التاريخ، وهي أنّ الأنبياء دائماً كانوا يواجهون المترفين من مجتمعاتهم كقطب آخر في المعارضة مع هذا النبي؛ لأنّ هذا المترف هو المستفيد من هذا المثال بعد أن تحوّل إلى التمثال، هذا المثال تحوّل إلى تمثال فمن هو المستفيد منه؟ المستفيد منه المترفون في ذلك المجتمع، المنعَّمون على حساب الناس الذين يجعلون من هذا التمثال مبرّراً لوجودهم، من هنا يكون من الطبيعي أنّ هؤلاء المترفين وهؤلاء المستفيدين نجدهم دائماً في الخط المعارض للأنبياء:
«وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ»[1].
«وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ»[2].
«سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ إِنْ يَرَوْا كُل
[1] الزخرف: 23
[2] سبأ: 34