التطور والإبداع والنموّ قائم أبداً ودائماً ومفتوح للإنسان باستمرار من دون توقّف. هذا المثل الأعلى حينما يتبنّى سوف تمسح من الطريق كل الآلهة المزوّرة، كل الأصنام وكل الاقزام المتصنّمة على طريق الإنسان التي تقف عقبة بين الإنسان وبين وصوله إلى اللَّه سبحانه وتعالى.
ومن هنا كان دين التوحيد صراعاً مستمراً مع مختلف أشكال الآلهة والمثل المنخفضة والتكرارية التي حاولت أن تحدّد من كمية الحركة، من أن توصل الحركة إلى نقطة ثم تقول: قف أيّها الإنسان. هذه الآلهة التي أرادت أن توقف الإنسان في وسط الطريق وفي نقطة معينة، كان دين التوحيد على مرّ التاريخ هو حامل لواء المعركة ضدّها. هذا المثل الأعلى إذن سوف يُحدث تغييراً كمّياً على الحركة؛ لأنّه يطلقها من عقالها، يطلقها من هذه الحدود المصطنعة لكي تسير باستمرار.
التغيير الكيفي:
وأمّا التغيير الكيفي الذي يحدثه المثل الأعلى على هذه المسيرة، فهذا التغيير الكيفي هو إعطاء الحلّ الموضوعي الوحيد للجدل الإنساني، للتناقض الإنساني، إعطاء الشعور بالمسؤولية الموضوعية لدى الإنسان، الإنسان من خلال إيمانه بهذا المثل الأعلى ووعيه على طريقه بحدوده الكونية الواقعية، من خلال هذا الوعي ينشأ بصورة موضوعية، شعور معمّق لديه بالمسؤولية تجاه هذا المثل الأعلى لأول مرّة في تاريخ المُثُل البشرية التي حرّكت البشر على مرّ التاريخ. لماذا؟
لأنّ هذا المَثَل الأعلى حقيقة وواقع عيني أعلى منفصل عن الإنسان، وبهذا يعطي للمسؤولية شرطها المنطقي، فإنّ المسؤولية الحقيقية لا تقوم إلّابين جهتين بين مسؤول ومسؤول لديه. إذا لم يكن هناك جهة أعلى من هذا الكائن المسؤول،