المشتقة من الواقع كثيراً ما تكون قد مرّت بمرحلة هذه المثل العليا التي هي تعبّر عن طموح محدود، يعني كثيراً ما تكون تلك المثل من النوع الأول امتداداً للمثل من النوع الثاني، بأن يبدأ المثل ويبدأ هذا المثل الأعلى مشتقاً من طموح، لكن حينما يتحقق هذا الطموح المحدود، حينما تصل البشرية إلى النقطة التي أثارت هذا المثل، يتحوّل هذا المثل إلى واقع محدود بحسب الخارج، حينئذٍ يصبح مثلًا تكرارياً.
من هنا قلنا في ما سبق: إنّنا لو رجعنا خطوة إلى الوراء بالنسبة إلى آلهة النوع الأول، مُثل النوع الأول، لو رجعنا خطوة إلى الوراء لوجدنا آلهة النوع الثاني، فالمسألة في كثير من الأحيان تبدأ هكذا، تبدأ بمثل أعلى له طموح مشتق من طموح مستقبلي، ثمّ يتحوّل هذا المثل الأعلى إلى مثل تكراري، ثمّ يتمزّق هذا المثل التكراري كما قلنا وتتحوّل الامّة إلى شبح امّة.
مراحل انقلاب القسم الثاني من المثل:
في هذه الفترة الزمنية تمرّ الامّة بمراحلٍ في الحقيقة، يمكننا تلخيصها في أربعة مراحل:
المرحلة الاولى: هي مرحلة فاعلية هذا المثل لحكم أ نّه قد بدأ مشتقّاً من طموح مستقبلي ومن نظرة مستقبلية، فهذا المثل يكون له في المرحلة الاولى فاعلية وعطاء وتجديد بقدر ما له من ارتباط بالمستقبل.
ولكن طبعاً هذه الفاعلية وهذا العطاء وهذا التجديد هو عطاء يسمّيه القرآن بالعاجل، هذه مكاسب عاجلة وليست مكاسب على الخط الطويل. هذه المكاسب مكاسب عاجلة. لأنّ عمر هذا المثل قصير، لأنّ عطاء هذا المثل محدود، لأنّ هذا المثل سوف يتحوّل في لحظة من اللحظات إلى قوة إبادة لكل ما أعطاه من مكاسب، ولهذا يسمّى هذا بالعاجل.
انظروا إلى قوله سبحانه وتعالى: «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما