المستقبل تكراراً للواقع وللماضي.
هذا النوع من الآلهة يعتمد على تجميد الواقع وتحويل ظروفه النسبية إلى ظروف مطلقة، لكي لا تستطيع الجماعة البشرية أن تتجاوز الواقع وأن ترتفع بطموحاتها عن هذا الواقع.
دواعي تبنّي المثل الاعلى المنخفض:
تبنّي هذا النوع من المُثُل العليا له أحد سببين:
1- الالفة والعادة:
السبب الأول: الالفة والعادة والخمول والضياع. هذا سبب نفسي. الالفة والخمول والضياع سبب نفسي، إذا انتشرت هذه الحالة النفسية، حالة الخمول والركود والالفة والضياع في قوم، في مجتمع، حينئذٍ يتجمّد ذلك المجتمع؛ لأنّه سوف يصنع إلهَهُ من واقعه، سوف يحوّل هذا الواقع النسبي المحدود الذي يعيشه إلى حقيقة مطلقة، إلى مَثَل أعلى، إلى هدف لا يرى وراءه شيئاً.
وهذا في الحقيقة هو ما عرضه القرآن الكريم في كثير من الآيات التي تحدّثت عن المجتمات التي واجهت الأنبياء. حينما جاء الأنبياء إلى تلك المجتمعات بمُثُل عليا حقيقية ترتفع عن الواقع وتريد أن تحرّك هذا الواقع وتنتزعه من حدوده النسبية إلى وضع آخر، واجه هؤلاء الأنبياء مجتمعات سادتها حالة الالفة والعادة والتميّع، فكان هذا المجتمع يردّ على دعوة الأنبياء ويقول بأ نّنا وجدنا آباءنا على هذه السنّة، وجدنا آباءنا على هذه الطريقة ونحن متمسّكون بمثلهم الأعلى، سيطرة الواقع على أذهانهم وتغلغُل الحس في طموحاتهم بلغ إلى درجة تحوِّل هذا الإنسان من خلالها إلى إنسان حسي لا إلى إنسان مفكر، إلى إنسان يكون ابن يومه دائماً، ابن واقعه دائماً لا أبا يومه ولا أبا واقعه، ولهذا لا يستطيع أن يرتفع على هذا الواقع.