«إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ»[1]. هذه الآية واضحة جداً في المفهوم الذي أعطيناه، وهو أنّ المحتوى الداخلي للإنسان، هو القاعدة والأساس للبناء العلوي، للحركة التاريخية؛ لأنّ الآية الكريمة تتحدّث عن تغييرين، أحدهما تغيير القوم: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ» يعني تغيير أوضاع القوم، شُؤون القوم، الأبنية العلوية للقوم، ظواهر القوم. هذه لا تتغيّر حتى يتغيّر ما بأنفسهم.
إذن التغيير الأساس هو تغيير ما بأنفس القوم والتغيير التابع المترتب على ذلك هو تغيير حالة القوم، النوعية، التاريخية، الاجتماعية. ومن الواضح أنّ المقصود من تغيير ما بالأنفس: تغيير ما بأنفس القوم بحيث يكون المحتوى الداخلي للقوم كقوم وكامة وكشجرة مباركة تؤتي اكلها كل حين، متغيراً، وإلّا تغيّر الفرد الواحد أو الفردين أو الأفراد الثلاثة لا يشكّل الأساس لتغيّر ما بالقوم، وإنّما يكون تغيّر ما بالقوم تابعاً لتغيّر ما بأنفسهم كقوم، كامّة، كشجرة مباركة تؤتي اكلها كل حين. فالمحتوى النفسي والداخلي للُامة كامة، لا لهذا الفرد أو لذلك الفرد هو الذي يعتبر أساساً وقاعدة للتغييرات في البناء العلوي في الحركة التاريخية كلها.
الإرتباط بين تغيير المحتوى الداخلي والاجتماعي:
والإسلام والقرآن الكريم يؤمن بأنّ العمليتين يجب أن تسيرا جنباً إلى جنب، عملية صنع الإنسان لمحتواه الداخلي وبناء الإنسان لنفسه، لفكره، لارادته، لطموحاته، هذا البناء الداخلي يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع البناء الخارجي، مع بناء الأبنية العلوية، ولا يمكن أنْ يفترض انفكاك البناء الخارجي
[1] الرعد: 11