تفسير القضية المحسوسة
بقي علينا أن ندرس من القضايا الأوّلية الستّ في تصنيف المنطق الأرسطي القضية المحسوسة، التي يؤمن هذا المنطق بأ نّها قضية أوّلية وإحدى نقاط الابتداء في المعرفة البشرية:
وقد تقدّم أنّ الحسّ على قسمين: ظاهر وباطن، فالقضايا المتيقّنة بواسطة الحسّ الظاهر من قبيل: يقيننا بأنّ الشمس طالعة، والقضايا المتيقّنة بواسطة الحسّ الباطن من قبيل: يقيننا بالجوع، أو اللذّة، أو الخوف، ونحو ذلك.
ولا شكّ في أنّ القضايا المطلوب إثباتها بالحسّ الباطن أوّلية؛ لأنّ الإنسان في هذا القسم من الإدراك الحسّي، يتّصل بصورة مؤكّدة بمدلول القضية المطلوب إثباتها بهذا الحسّ مباشرة.
وأمّا القضايا المطلوب إثباتها بالحسّ الظاهر، فهي تختلف عن قضايا الحسّ الباطن؛ لأنّنا بالحسّ الظاهر نريد أن نثبت الواقع الموضوعي، أي أنّ هناك- حينما أرى البرق- برقاً موضوعياً موجوداً بصورة مستقلّة عن إدراكي، وهذا لا يكفي فيه الاتصال المباشر بالمحسوس في حالات الحسّ الظاهر.
صياغتان لتبرير الشكّ في القضية المحسوسة:
ويمكننا أن نوضح عدم كفاية ذلك، ونبرّر الشكّ في الواقع الموضوعي- رغم الإحساس به- بإحدى الصيغتين التاليتين:
الاولى: أ نّنا في إدراكنا الحسّي للبرق- مثلًا- وإن كنّا نتّصل مباشرة