سبباً، وذلك لأنّ السببيّة علاقة ضرورة بين مفهومين، فلا يمكن أن يحصل فرد من مفهوم على هذه العلاقة دون فرد آخر لنفس المفهوم، وهذا معنى «أنّ الأشياء المتماثلة تؤدّي إلى نتائج متماثلة».
وأمّا مجرّد التتابع أو الاقتران الذي تفسّر السببيّة على أساسه في المفهوم التجريبي، فهو بوصفه علاقة بين فردين لا بين مفهومين، فبالإمكان أن توجد هذه العلاقة لفرد دون فرد آخر مماثل له.
السببيّة الوجوديّة والعدميّة:
حتّى الآن كنّا نتحدّث عن تعميم من قبيل: «كلّ (أ) يعقبها (ب)»، وقد رأينا أنّ هذا التعميم متضمّن في السببيّة، سواء أخذناها بالمفهوم العقلي أو بالمفهوم التجريبي.
ويمكن أن نعتبر هذا التعميم وجودياً؛ لأنّه يؤكّد وجود شيء عند وجود شيء آخر، وعلى هذا الأساس نطلق على السببيّة التي تتضمّن هذا التعميم: اسم السببيّة الوجودية، سواء كانت بالمفهوم العقلي للسببيّة أو المفهوم التجريبي.
وهناك تعميمات عدميّة تؤكّد نفي شيء عند نفي شيء آخر، من قبيل التعميم القائل: «كلّما لم يكن هناك سبب لشيء فلا يوجد ذلك الشيء»، وهذه التعميمات تعبّر عن سببيّة عدميّة، أي أنّ عدم السبب لشيء سبب لعدم ذلك الشيء، وبكلمة اخرى: إنّ عدم السبب الوجودي لشيء سبب عدمي لذلك الشيء.
وهذه الكلمة بالمفهوم التجريبي للسببيّة تعني: أنّ الشيء (أو الأشياء) الذي يقترن به (ب) دائماً على سبيل الصدفة، يقترن بعدمه عدم (ب) دائماً على سبيل الصدفة أيضاً.
وأمّا بالمفهوم العقلي للسببيّة فهذه الكلمة تعني: أنّ الشيء (أو الأشياء)