بكون الشيء (أ) علّة لشيء آخر (ب) على أساس تكرّر واقتران وجود (ب) عند إيجاد (أ).
2- الحدسيّات: أمّا في الحدسيّات، فيحكم العقل بسببيّة أحد الشيئين للآخر نتيجة لاقترانهما، ولكن من دون عمل وإيجاد.
وابتناء هذين النوعين من القضايا على قانون السببيّة في غاية الوضوح.
3- المتواترات: والكلام نفسه في المتواترات؛ لأنّ روح التصديق بالقضيّة التي يجتمع عليها جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب هي دعوى أنّ الإخبار مرتبط بواقعيّة المطلب المخبر عنه، وأنّ واقعيّة المطلب وثبوته في الواقع هو علّة إخبار هذه الجماعة.
فإخبار الآلاف والملايين عن وجود مكّة مرتبطٌ بنحوٍ من أنحاء الارتباط السببي بنفس وجود مكّة في عالم الخارج؛ إذ لو لم تكن موجودة لما وجد لديهم الداعي إلى الإخبار عن وجودها. ولذا ترجع القضيّة المتواترة بحسب الحقيقة إلى علاقة السببيّة.
إذن: تحصّل لدينا أنّ هذه القضايا الثلاث التي جعلت ضمن قضايا العقل الأوّل في منطق البرهان يقوم القطع واليقين فيها في الحقيقة على علاقة السببيّة.
مقدّمات حول حصول العلم في التجربيّات وأخواتها:
بعد أخذ كافّة المصادرات المتقدّمة بعين الاعتبار، ننتقل إلى التساؤل حول كيفيّة حصول العلم بالقضيّة القائمة على أساس التجربة أو الحدس أو التواتر؟!
والذي يدفعنا إلى إثارة هذا التساؤل هو أ نّنا لا نرى مانعاً في اجتماع شيئين صدفةً من دون أن يكون بينهما علاقة سببيّة أو علّيّة. ونقصد بالصدفة هنا