إذن: المنطق الذاتي لا يبحث عن نفس الصور المحسوسة بالذات وعن العلاقات القائمة بينها، بل عن العلاقات القائمة بين الصور المحسوسة بالعرض ممّا لا يُمكن إثباته باللجوء إلى العقل الأوّل.
ما يتعلّق بالمحسوس بالعرض:
كنّا بصدد تحديد نطاق المعرفة التي يتناولها المنطق الذاتي، وقلنا: إنّه يتحرّك في ميدان الحسّ والتجربة. والآن نقول: إنّ ما يحصل به العلم لدى الإنسان:
تارةً يكون معلوماً بالعلم الحضوري، وهو عبارة عن المحسوس بالذات، أي ما يقوم قائماً في افق من آفاق النفس.
واخرى يكون معلوماً بالعلم الحصولي، وهو عبارة عن المحسوس بالعرض، أو الواقع الموضوعي في الخارج.
والحالة الاولى خارجة بالكليّة عن محلّ الكلام؛ لأنّها بتمام خصوصيّاتها وشؤونها معلومة بالعلم الحضوري بفعل قيامها في افق من آفاق النفس المدركة.
وكذلك الحال بالنسبة إلى العلاقات والروابط القائمة بين نفس الصور المحسوسة بالذات بما هي محسوسة بالذات؛ كما لو حكم الإنسان بأنّ هذه الصورة المحسوسة بالذات أشدّ بياضاً من تلك الصورة الاخرى المحسوسة بالذات أيضاً، فهذا حكمٌ في نطاق المعلوم بالذات على أيّة حال، وليس حكماً في نطاق العلم الحصولي.
وأمّا الحالة الثانية التي نبحث فيها عن المحسوس بالعرض، ففيها عدّة مقامات:
المقام الأوّل: في إثبات أصل وجود المحسوس بالعرض عن طريق