الحالة الثانية؛ لأنّه لا مبرّر لاختلاف الصورة بهذا الشكل.
إذن: روابط وعلاقات التماثل بين الشيئين الخارجيّين أو التغاير بينهما يمكن إثباتها بالعقل الأوّل، إلّاأنّ جملةً منها لا يمكن إثباتها بالعقل الأوّل ولا العقل الثاني، وهذه المساحة بالذات هي مساحة المنطق الذاتي وميدان الطريقة الذاتيّة في التفكير.
فإذا أردنا تحديد ميدان هذا المنطق، أمكننا القول: إنّ ميدان المنطق الذاتي هو خصوص العلاقات والروابط التي لا يُمكن إدراكها بالعقل الأوّل أو الثاني. ونجدّد التأكيد على قيد عدم إمكان الإدراك بالعقلين الأوّل والثاني.
وعلى سبيل المثال: فإنّ من جملة هذه العلاقات والروابط علاقة العلّيّة، أي كون الشيء علّة لشيء آخر، وهذه العلاقة في ما هو محسوسٌ بالعرض لا يُمكن إثباتها بالبرهان، وهو ما سنقيم البرهان عليه، وهنا يأتي دور الطريقة الذاتيّة في التفكير.
ومثالٌ آخر: حكمُنا بأنّ الشخص الذي نراه هو صديقُنا؛ فعندما نرى السيّد الإشكوري[1] نحكم بأ نّه هو الشخص الذي نعرفه ونعاشره، مع أنّ هذا الحكم ليس ممّا يُمكن إثباته بالعقل الأوّل؛ لأنّ هذا العقل لا يأبى عن تفسير التماثل بين الصورتين المحسوستين بأحد تفسيرين: فإمّا أن يكون الشخص الذي نراه هو فعلًا صديقنا الذي نعرفه ونعاشره. وإمّا أن لا يكون هو، ويكون هناك تماثل من سائر الجهات بين الصورتين، وهو ما لا يأبى العقل الأوّل افتراضه. وهنا أيضاً يأتي دور الطريقة الذاتيّة في التفكير.
[1] يقصد سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد نور الدين الإشكوري( حفظه اللَّه)، أحد قدامى طلّابه