مبدأ عقلي وليس مبدأ تجريبيّاً، وهذا يعني بدوره عدم إمكانيّة تفسير العلوم الطبيعيّة بمعزلٍ عن هذا المبدأ.
هنا نقول: إنّنا إذا تناولنا شخصاً يعتقد بحصول العلم من خلال التجربة وأنّ ما ينتج منها ليس وهماً، ثمّ استطعنا أن نبيّن له أ نّه لا يمكن تفسير هذا العلم إلّا على أساس الاعتراف بمبدأ عقلي أوّلي سابق على التجربة هو مبدأ العلّيّة، فإنّ ذلك سيكون من ناحيةٍ تأييداً للإلهيّين الذين يعتقدون بهذه الفكرة، ومن ناحية اخرى سيكون من الممكن تعميم هذا المبدأ إلى أصل العالم وإلى أصل الكون، باعتباره قانوناً من قوانين العقل العامّة[1].
وأمّا إذا فرضنا أنّ مبدأ العلّيّة مستفاد من التجربة، فإنّ التعميم سيكون مرهوناً بمقدار ما تسمح به التجربة من التعميم.
مبادئ العقل الأوّل من وجهة نظر المنطق العقلي:
عندما نتحدّث عن العقل الأوّل، فإنّنا نتّفق مع المنطق الأرسطي من بعض الجهات حول المراد منه، ونختلف معه من جهات اخرى:
أمّا المقدار الذي نتّفق فيه معه فهو أنّ العقل الأوّل عبارة عن المعلومات الثابتة في النفس دون برهان، فلو كانت كلّ معرفة ثابتة ببرهان للزم التسلسل أو الدور كما يقولون، فلا بدّ أخيراً من الانتهاء إلى معارف غير مكتسبة عن طريق البرهان، ومن هنا اطلق على هذا العقل اسم: (العقل الأوّل).
إلى هنا نحن متّفقون مع المنطق العقلي في إطلاق (العقل الأوّل) على
[1] وهذا ما استهدفه الشهيد الصدر قدس سره من تأليف كتاب( الاسس المنطقيّة للاستقراء)، فراجع: المصدر السابق: 577، الكلمة الأخيرة