مصاديقها الخارجيّة، وهنا يمكن اللجوء إلى القياس، وتكون الاستعانة به صحيحة.
ولمزيدٍ من التوضيح نعود إلى المثال السابق، حيث يقترن- ولمرّات عديدة- زوال الصداع عند تناول حبّة الأسبرين: فهنا تحصل لنا- بالتوالد الذاتي- معرفة تفيدنا بأنّ تناول حبّة الأسبرين علّة لزوال الصداع، وهذا التوالد توالدٌ ذاتيٌّ لا يستخدم عادةً القياس المنطقي. ولكن بعد أن نحصل على هذه المعرفة، يمكننا اللجوء إلى القياس من أجل الحصول- عبر التوالد الموضوعي- على معارف اخرى أخصّ منها، فنقول: «هذه حبّة أسبرين، وكلّ الأسبرين مزيل للصداع، فهذه الحبّة مزيلة للصداع».
إذن: لا يمكن استخدام القياس في مرحلة التوالد الذاتي، ولكن بعد الحصول على معارف كلّيّة في هذه المرحلة يمكننا في المرحلة التالية اللجوء إليه من أجل الحصول على معارف جزئيّة تتولّد وفق طريقة التوالد الموضوعي.
وهنا نعود لنثير مجدّداً إشكال الدور الذي اثير حول المنطق العقلي، لنقول: إنّ هذا الإشكال لا يجري هنا ولا يمكن توجيهه إلى المنطق الذاتي، وبيان ذلك: أنّ المنطق العقلي لا يمكنه التوصّل إلى الكبرى التالية: «كل الأسبرين مزيلٌ للصداع» إلّامن خلال ما يصطلح عليه أرسطو بالاستقراء التام، أي استقراء تمام حبّات الأسبرين، وهذا ما سمح للتجريبيّين بتوجيه إشكال الدور إليه كما تقدّم شرحه سابقاً.
أمّا بالنسبة إلى المنطق الذاتي، فالوصول إلى الكبريات- كما يأتي إن شاء اللَّه تعالى- يتمّ من خلال ما يصطلح عليه أرسطو ب (الاستقراء الناقص)، حيث تتولّد المعرفة الكلّيّة تولّداً ذاتيّاً بحكم الطبيعة، وبعد ذلك يمكن اللجوء إلى القياس ليولّد لنا بطريقة التوالد الموضوعي معارف جزئيّة. وتطبيق القياس في