وبراهينها وإشكالاتها بالشكل المفصّل خارجة عن محلّ الكلام، ولكن ما نقوله هو أنّ مصدر المعرفة عبارة عن المعارف الضروريّة للعقل، غاية الأمر أنّ توالد المعارف منها تارةً يتمّ وفق طريقة التوالد الموضوعي، وهي الطريقة المتّبعة في المنطق الصوري والرياضيّات وغيرها، واخرى يتمّ وفق طريقة التوالد الذاتي، وهي الطريقة المتّبعة في مجال العلوم الطبيعيّة. فالاختلاف إذن يكمن في طريقة التوالد واستقاء المعارف من المعارف الأوّليّة.
وبهذا يكون المنطق الذاتي قد عمل على حلّ الاختلاف بين وجهتي النظر المذكورتين، وساهم في إزالة نقاط الضعف الموجودة، ومن هنا تظهر قيمة ما يقدّمه في نظريّة المعرفة.
هل يعتمد المنطق الذاتي على الصيغة القياسيّة؟:
بعد أن أوضحنا الاختلاف بين المنطق الذاتي وبين المنطق الموضوعي، لا بأس بالإجابة عن سؤال يطرح نفسه في المقام، وهو أ نّه: هل يلجأ المنطق الذاتي في طريقة التوالد الذاتي إلى القياس؟! أم أنّ القياس من مختصّات المنطق العقلي القائم على التوالد الموضوعي؟!
وفي مقام الجواب عن هذا السؤال نقول: إنّ المنطق الذاتي يعتقد بوجود مرحلتين لتوالد المعارف: المرحلة الاولى هي مرحلة التوالد الذاتي، والثانية هي مرحلة التوالد الموضوعي.
وفي المرحلة الاولى لا نلجأ إلى القياس؛ لأنّه من مختصّات التوالد الموضوعي. لكن بعد أن نفترض انتهاء عمليّة التوالد الذاتي وحصولنا عن طريقها على معارف كلّيّة، حينئذٍ يأتي دور التوالد الموضوعي في المرحلة الثانية، حيث نقوم بتطبيق المعارف الكلّيّة المتولّدة في المرحلة الاولى على