2- ولديهم طريقة اخرى يسمّونها: (طريقة النفي والإثبات): فلو لاحظنا في مائة مرّة أ نّه عند وجود (أ) توجد (ب)، ولاحظناه كذلك مائة مرّة أ نّه عند انعدام (أ) تنعدم (ب)، لكانت (أ) في هذه الحالة علّة ل (ب).
3- وهناك طريقة ثالثة يطلقون عليها اسم: (طريقة الترابط النسبي)، حيث يلاحظون أ نّه عندما توجد (أ) توجد (ب)، وعندما تشتدّ (أ) تشتدُّ معها (ب)، وعندما تضعف (أ) تضعف (ب).
وهذه الامور في الحقيقة امور صحيحة ولطيفة، إلّاأ نّها مصاديق للطريقة الذاتيّة في التفكير وتوالد المعرفة ولا تتعدّى ذلك؛ لأنّ المنطق التجريبي لم يشرح من خلالها سبب كون هذا علّة لذاك، وإن حاول بعض الفلاسفة الأوروبيّين القيام بذلك على نحو الاستقلال، إلّاأنّ المنطق التجريبي بما هو منطق تجريبي لم يعالج هذه الناحية. ومن هنا اعتبرنا أنّ المنطق الذاتي بمثابة الأساس لذلك المنطق.
طبيعة المعرفة المتولّدة في المنطق العقلي:
بعد أن اتّضح الفارق بين المنطق الذاتي الذي نحن بصدد الحديث عنه وبين المنطق البرهاني، وذلك على أساس الفارق بين الطريقة المعتمدة لكلٍّ منهما، لا بدّ- من أجل تكميل البحث- من الإشارة إلى الفارق بين المعرفتين الناتجتين عن كلّ من هاتين الطريقتين:
فالمعرفة الناتجة عن الطريقة الموضوعيّة في توالد الفكر- والتي يدرسها المنطق العقلي- هي في الحقيقة تفصيلٌ للمجملات، بينما تعتبر المعرفة الناتجة عن الطريقة الذاتيّة في التفكير- والتي يدرسها المنطق الذاتي- معرفةً جديدة