منجبرة بعمل الأصحاب. أمّا دلالتها فواضحة.
هذا ودعوى الانجبار موقوفة على القول بأنّ ميزان حجّيّة الخبر هو كون نفس الرواية بحيث يحصل الوثوقُ النوعيُّ بها، فيمكن دعوى أنّ عمل الأصحاب بالرواية يورث الوثوقَ النوعيَّ بها، الموجبَ لدخولها تحت دليل الاعتبار تكويناً.
هذا ما أفاده سيّدُنا الاستاذ (مدّ ظلّه) في المقام[1].
وأمّا على ما أثبتناه في علم الاصول وحقّقناه[2] من أنّ ميزان حجّيّة الخبر هو كون الراوي بحيث يحصل منه الوثوق النوعي لا كون الرواية كذلك، فواضحٌ أنّه حينئذٍ لا مجال لدعوى جابريّة عمل الأصحاب، إلّاأن يوجب عملهم حصول الاطمئنان الشخصي بالرواية، لكنّه غير موجب لحصول الاطمئنان لنا بعدما رأينا في كثير من الموارد أ نّهم استنبطوا شيئاً وجزمنا ببطلانه، فلعلّهم في ما نحن فيه أيضاً استنبطوا صدق الحديث ببعض القرائن التي لو ظفرنا بها لما كانت تامّةً عندنا.
أقول: بعد فرض ثبوت كون عمل الأصحاب بالحديث واستنادهم له جابراً للسند- إمّا بدعوى كون الميزان في الحجّيّة هو الوثوق النوعي بالرواية نفسها، أو بدعوى أنّ عملهم بها يوجب الاطمئنان الشخصي[3]– فإنّ الكلام
[1] انظر: مصباح الاصول 2: 240- 241
[2] بحوث في علم الاصول 4: 426.« حصل العدول عن ذلك بعد هذا، فالمناقشة يجب أن تكون على ضوء ذلك، والنتيجة واحدة»( من تعليقة الشهيد الصدر قدس سره على التقرير)
[3] دون أن يُقاس ذلك باستنباطاتهم في فهم دلالة لفظ الأحاديث؛ فإنّه لا فرق بيننا وبينهم في فهم دلالة الألفاظ، فمع مخالفة فهمهم لفهمنا لا عبرة بفهمهم لنا، وهذا بخلاف قرائن الصدور التي كان الأقدمون قريبين منها ونحن بعيدون عنها: فإذا اشتهر بينهم صحّة خبر- باصطلاح المتقدّمين- ربما يحصل الوثوق الشخصي بذلك والاطمئنان بعدم اشتباههم في ذلك؛ لكون القرائن بين أيديهم. كما أنّ من يكون بعيداً عن فهم دلالة لفظ الأحاديث ربّما يحصل له الاطمئنان بفهم المشهور بالنسبة لدلالة لفظ الأحاديث( منه قدس سره)