الفصل الأوّل: المباحث التمهيديّة
كيفيّة توالد المعرفة في المنطق الأرسطي:
يؤمن المنطق العقلي الأرسطي بوجود تصوّرات وتصديقات أوّليّة ضروريّة، وهو يبحث في هذه التصوّرات والتصديقات المعلومة من حيث إيصالها إلى تصوّرات وتصديقات مجهولة. ولهذا قيل في الكتب المعروفة الموضوعة في علم المنطق: إنّ موضوع هذا العلم هو التصوّر والتصديق من حيث إيصالهما إلى مطالب اخرى تصوّريّة وتصديقيّة[1].
ومن خلال موضوع علم المنطق، يمكن اقتباس وظيفة هذا العلم، وهي- بناءً على تحديد الموضوع- التوصّل من تصوّر وتصديق معلومين إلى تصوّر وتصديق مجهولين. ويبيّن لنا علم المنطق كيفيّة الانتقال من معرفة إلى معرفة اخرى، أو كيفيّة تولّد معرفة من معرفة اخرى، وكيف يتسلسل التفكير لدى الإنسان وينتهي من مقدّمات معيّنة إلى نتائج، ثمّ يجعل هذه النتائج مقدّمات لينتقل منها إلى نتائج اخرى، وهكذا …
وعندما كان المنطق العقلي بصدد البحث في كيفيّة تولّد الفكر من الفكر وتولّد المجهول من المعلوم، آمن بطريقة واحدة في توالد المعرفة، وهي التي يمكننا أن نسمّيها: (الطريقة الموضوعيّة في التوالد)، وذلك في قبال (الطريقة
[1] انظر: الشفاء، الإلهيّات: 10؛ شرح الإشارات والتنبيهات 1: 17؛ الرسالة الشمسيّة: 2؛ كتاب التعريفات: 72