طبيعة الفقهين؛ وذلك أنّ الفقه الغربي يرى الدّين عبارة عن مجرّد الالتزام، وإذا مات المديون فالفقه الغربي لا يجعل الوارث قائماً مقامه في كلّ ديونه وإتلافاته زائداً على التركة؛ فهذا ظلم واضح، وإنّما يجعله قائماً مقامه بمقدار التركة.
أمّا الفقه الإسلامي، فيرى الدّين عبارة عن مال موجود في الذمّة، وذمّة الشخص لا تموت بموت ذات الشخص؛ فإنّها وعاءٌ اعتباريٌّ قابل للبقاء حتّى بعد الموت. لذا لا حاجة إلى قيام الوارث مقام المورّث في الدّين؛ فإنّ الوارث إنّما يقوم مقام المورّث في ما يكون المورّث ميْتاً بلحاظه، وهذا هو الحال بلحاظ أمواله الخارجيّة وبلحاظ ما كان يطلبه من غيره؛ ولذا عرف الفقه الإسلامي حوالة الحقّ في باب الإرث.
وأمّا بلحاظ الديون الثابتة على الميّت، فذمّة الميّت باقية على حياتها ما لم يوفَّ دينه، ولا مجال لقيام الوارث مقامه ويوفّى دينه[1] من تركته ثمّ يورَّث المال، كما قال تعالى: «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ»[2].
والحقّ: أنّ التركة تبقى ملكاً للميّت ويوفّى دينه بها، لا أنّ الديون تتعلّق بالتركة. هذا وإن لم تفِ تركته بمقدار دينه بقيت ذمّته مشغولة إلى أن يتبرّع متبرّع عنه[3].
[1] كذا في المخطوط، ولعلّ المقصود: ويوفّي دينَهُ
[2] النساء: 11
[3] أشرنا في بداية البحث إلى أنّ الشهيد الصدر قدس سره لم يوفّق لبحث تمام ما وعد ببحثه