إذن[1]: لو كان ما يسمّى بالحوالة في الفقه الإسلامي حوالةً في الحقيقة لا إفناءً لدين وإيجاداً لدين جديد، فلماذا لا تثبت بعد الحوالة توابعُ الدَّين الأوّل كما تثبت عند الفقه الغربي؟! فإذا كان عند الدائن رهنٌ على ذلك الدّين، فإنّ الفقه الإسلامي لا يعترف ببقاء الرهن بعد الحوالة. وإذا كان الدّين عبارة عن ثمن كتاب اشتراه مثلًا، فللمشتري أن يمتنع عن أداء الثمن إلى أن يأخذ الكتاب، لكن بعد الحوالة يكون للبائع أخذ الثمن من المحال عليه ولو قبل أداء الكتاب، ولا يجوز هناك هذا الامتناع. كما للبائع أن يمتنع عن إعطاء الكتاب إلى أن يأخذ دينه- وهو الثمن-، ولا يجوز له هذا الامتناع بعد الحوالة.
وقد ذكر في مقام بيان عدم معرفة الفقه الإسلامي لحوالة الحقّ أنّ الفقه الإسلامي لم يذكر ذلك تحت عنوان حوالة الحقّ.
نعم، تبقى مسألة بيع الدَّين وهبته، وهذا ما لا يقرّه أيٌّ من المذاهب الأربعة عدا الفقه المالكي[2]، وهو وإن كان يذكر عنوان بيع الدّين، لكنّ واقع المقصود ليس ذلك، وإنّما بيع الدّين عبارة عن الوفاء مع الحلول، فليس بيعاً حقيقةً، وإلّا لما كان هناك وجهٌ للتفصيل بين بيع الدَّين بالدّين وبين بيعه بالعين؛ حيث يصحّحون الثاني دون الأوّل، وإنّما الوجه في هذا التفصيل هو أنّ بيع الدّين عبارة عن الوفاء مع الحلول، أي أنّ المشتري يفي دين المديون ويحلّ هو محلّ الدائن، وحيث إنّه في بيع الدّين بالدين لا يوجد وفاء في المقام، لذا لم يصحّ عندهم بيع الدّين بالدّين.
[1] ما سيأتي إلى آخر البحث ساقطٌ من كتابات السيّد عبد الغني الأردبيلي رحمه الله، وقد تمّمناه من تقريرات السيّد كاظم الحائري( حفظه اللَّه)
[2] الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 3: 434