الغربي عرف أوّلًا حوالة الحقّ، ثمّ حوالة الدَّين. وعليه، فلو عرف الفقه الإسلامي أوّلًا حوالة الدَّين ولم يعرف حوالة الحقّ، كان ذلك بدعاً في الصناعة الفقهيّة.
إلّاأنّ الواقع[1] هو أنّ الفقه الإسلامي لم يعرف حوالة الدَّين وحوالة الحقّ معاً، وإنّما عرف حوالة الحقّ فقط في باب الإرث؛ فإنّ الوارث يرث حقّ أبيه إذا كان للمورِّث دين، فالوارث يحلّ محلّه. وأمّا إذا كان الوارث مديوناً، فالمورّث لا يحلّ في المديونيّة. إذن: ففي باب الإرث عرف حوالة الحقّ ولم يعرف حوالة الدَّين، وهذا منسجمٌ مع التطوّر الفقهي.
أمّا في غير باب الإرث، فلم يعرف الفقه الإسلامي كلتا الحوالتين[2]، الأمر الذي استدعى نقد الشيخ الزرقاء بأ نّه إذا لم يعرف الحوالة مطلقاً، فكيف عقد الفقهاء في كتبهم الفقهيّة كتاباً مستقلّاً أسموه كتاب الحوالة؟![3]
وهنا يمكن لنا تقسيم نظريّة الدكتور السنهوري إلى قسمين:
أحدهما: في نفي معرفة الفقه الإسلامي بحوالة الدَّين.
وثانيهما: في نفي معرفته بحوالة الحقّ.
يرى الدكتور السنهوري أنّ حوالة الدَّين لم يعرفها الفقه الإسلامي بالمعنى الصحيح الذي عرفها به الفقه الغربي في نهاية تطوّره، وخلاصة كلامه ترجع إلى شاهدين[4]:
[1] لا زال الكلام للدكتور السنهوري ببيان الشهيد الصدر قدس سره
[2] الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 3: 421- 422، 437
[3] المدخل الفقهي العام 3: 68
[4] الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 3: 420- 422، 436- 437