وحوالة الحقّ في عمليّةٍ واحدة مزودجة، وهي الحوالة على المدين، فالمدين حينما تحوّل دائنه على مدين آخر تبدّل الدَّين والدائن[1].
وهذا التصوّر غير معقول في نفسه؛ لأنّه يلزم منه اجتماع دينين للمحتال على المحال عليه.
ولو أ نّنا تصوّرنا هنا تبديلين: تبديلًا للدائن، وتبديلًا للمدين، للزم دينان للمحتال على المحتال عليه؛ وذلك لأنّ المحتال له دينٌ في ذمّة المحيل، والمفروض أنّ هذا الدَّين لم يسقط، وإنّما انتقل منه إلى غيره، أي انتقل إلى ذمّة مدين المدين. كما أنّ ذاك المال الذي كان للمدين الأوّل في ذمّة المدين الثاني تبدّل دائنه: فبدل أن يكون الدائن له هو المدين الأوّل، أصبح المالك له هو دائن مدين الأوّل- أي المحتال- وبهذا يكون قد حصل للمحتال دينان في ذمّة المحتال عليه: أحدهما تحوّل من ذمّةٍ اخرى عليه، والآخر تحوّل ملكه من مالكٍ آخر إليه، فيلزم في المقام اجتماع هذين الدَّينين للمحتال في ذمّة المحال عليه لو قمنا بالتحفّظ على ذاتَي هذين الدّينين وبدّلنا اطرافهما.
وبتعبير آخر: معنى الالتزام بحوالة الحقّ وحوالة الدَّين في هذه المعاملة هو الالتزام بأنّ ذات الدَّين في الالتزام محفوظ، وإنّما تحوّل الطرف؛ ففي أحد الدَّينين تحوّل المدين، فيما تحوّل الدائن في الدَّين الآخر. هذا فيما لو التزمنا بانحفاظ ذات الدَّين مع تبدّل الأطراف، وهذا خُلف طبيعة هذه الحوالة.
من هنا نعرف أنّ ذات الدَّينين لم تجتمعا في المقام، وإنّما وقع فناء في أحد هذين الدَّينين وبقي الدَّين الآخر، لا أنّ ذات الدَّين باقية فيهما مع تبديل الأطراف.
[1] راجع: المدخل الفقهي العامّ 3: 65