الجرماني[1]، غير صحيح؛ فإنّ الفقه الإسلامي قد انتهى إلى الحوالة بوصفها نتيجةً منطقيّة منبثقة من تصوّره للدَّين والذمّة، دون أن يواجه مشكلةً من هذه الناحية.
وإذا كانت هناك مشكلة في الفقه الإسلامي تشبه المشكلة التي وقعت في الفقه الغربي فهي في موضعين آخرين، لا في حوالة الدَّين، وهما:
المشكلة الاولى: ضمان العهدة؛ فهناك مسألة في كتاب الضمان، حاصلها:
أنّ الغاصب الذي يغصب عيناً قبل التلف لم تشتغل ذمّته، بل اشتغلت عهدته، وهنا: هل يمكن لشخصٍ آخر أن يضمن عهدة الغاصب أم لا؟!
إنّ هذه العهدة قد تثار فيها مشكلة باعتبارها أمراً شخصيّاً، وهذه المشكلة تتراءى من بعض كلمات فقهائنا، وتكمن في أ نّه كيف ينقل الضمان؟! لأنّ الضمان نقلٌ، والعهدة كيف تتنقل من هذا الشخص إلى شخصٍ آخر؟!
لكن مع هذا، فقد تغلّب الفقه الإسلامي على هذه المشكلة. وحتّى الذين أفتوا بالبطلان لم يفتوا به من ناحية هذه المشكلة؛ فقد استطاع الفقه الإسلامي أن يتصوّر المسؤوليّة في الأمر العيني أيضاً، حيث إنّ نفس العين تدخل في العهدة بتبع المسؤوليّة، وكأنّ العين في العهدة، فالنقل أيضاً نقلٌ للعين، لا للعهدة، والعهدة تظلّ مستقلّةً بالتبع، كما في باب الذمّة، حيث ينتقل المال الكلّي من ذمّةٍ إلى ذمّة اخرى، فكذلك الحال أيضاً في ضمان العهدة، حيث تنتقل نفس العهدة من وعاء عهدةٍ إلى وعاء عهدةٍ اخرى. أمّا الالتزام والمسؤوليّة، فيلحقه ذلك بالتبع، لا أ نّه يكون هو المنقول ابتداءً.
هذه هي الصناعة التي أعطيت للفقه الإسلامي، فتغلّب بها على هذه المشكلة أيضاً.
[1] المصدر السابق 3: 57 وما بعد