أمّا حوالة الحقّ في الفقه الإسلامي، فهي غير موجودة ابتداءً في تبديل الحقّ، بمعنى أنّ الدائن هو الذي يحوّل لا المدين؛ فالحوالة الموجودة في الفقه الإسلامي تحوّل الدائن من قبل المدين، لا أنّ الدائن يحوّل لشخص آخر؛ فهذه الحوالة غير موجودة في الفقه الإسلامي.
من هنا، يمكن أن نقول: إنّه يمكن تحصيل حوالة الحقّ في بيع الدَّين؛ فإنَّ الشخص إذا كان دائناً وباع دينه لشخصٍ آخر، يتغيّر الدائن في هذه المعاملة البيعيّة، وهذا ما لا تعترف به المذاهب الأربعة، فحوالة الحقّ هنا غير ممكنة؛ ولذا قال الشيخ مصطفى: إنّنا نجد حوالة الحقّ في نفس حوالة الدَّين في قسمها الثاني، وهو الحوالة على مشغول الذمّة، أي الحوالة المقيّدة؛ فإنّها تستبطن في الحقيقة كلا الأمرين: حوالة الدَّين وحوالة الحقّ؛ فإنّك حينما تحيل دائنك على مدينك تغيّر المدين والدائن بمقتضى هذه الحوالة[1].
إلا أنّ ذلك لا يفيد هنا، ولا يمكن لنا الانسجام معه؛ فقد قلنا: إنّ الفقه الإسلامي الذي شرّع حوالة الدَّين والحقّ، لم يشرّع هذه الحوالة ليتغلَّب على المشكلة التي عاشها الفقه الغربي؛ فإنّه لم يبتلِ بها أساساً؛ فهي مشكلة نشأت عن آليّات خاصّة في الفقه الغربي على مستوى تصوير مفهوم الدَّين، حيث كان الدَّين في هذا الفقه التزاماً، والالتزام أمرٌ شخصي وذاتي، والأمر الشخصي الذاتي كيف يتبدّل وتتغيّر أطرافه مع انحفاظه؟!
من هنا عاش الفقه الغربي مشكلة الحوالة، وهي مشكلة غير موجودة من رأس في الفقه الإسلامي؛ فما يتراءى من جملةٍ من الفقهاء المسلمين من أنّ الفقه الإسلامي سبق إلى التغلّب على المشكلة فانتهى إلى نفس ما انتهى إليه الفقه
[1] المدخل الفقهي العام 3: 65