1- نقد نظريّة الشيخ مصطفى الزرقاء:
أمّا القول الأوّل الذي يرى تقدّم تصوير الحوالة في الفقه الإسلامي على الفقه الجرماني بمئات السنين، فذهب إلى تفسير الحوالة في الفقه الإسلامي بقسمٍ خاصّ منها، وقال بأنّ هذا القسم الخاصّ يستبطن كلتا الحوالتين: حوالة الحقّ، وحوالة الدَّين.
وتوضيح ذلك: أنّ الحوالة تنقسم إلى قسمين:
فتارةً: تكون الحوالة على البريء، أي على شخصٍ غير مشغول الذمّة بحسب مصطلح الفقه الجعفري، وتسمّى ب (الحوالة المطلقة) بحسب الفقه الحنفي.
واخرى: تكون حوالةً على مدين، أي حوالة الدائن على المدين، وتسمّى هذه الحوالة في الفقه الحنفي ب (الحوالة المقيّدة)[1].
ويرى الشيخ الزرقاء أنّ كلتا الحوالتين حوالةُ دينٍ؛ لأنَّ تغيير المدين موجود في كلتيهما؛ فالشخص كان مديناً للدائن، وبعد الحوالة يصبح المحال عليه دائناً للمحال؛ فقد تبدّل هنا مدين هذا المحتال.
غاية الأمر أنّ الشيخ الزرقاء يرى أنّ (الحوالة المقيّدة) هي الحوالة التي تعترف بها أكثر مذاهب فقه الجمهور، أمّا (الحوالة المطلقة) فلا يعترف بها إلّا الفقه الحنفي خاصّة على نحو خاصّ[2].
[1] انظر: بدائع الصنائع( الكاشاني) 6: 16؛ وانظر: تحرير المجلّة 2: 296
[2] راجع: المدخل الفقهي العامّ 3: 62. وقد اقتصر حديث المذاهب الثلاثة الباقية على الحوالة المقيّدة؛ لأنّ الحوالة المطلقة ليست بحوالة عندهم، فراجع: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 3: 428