الأمر الأوّل:
استغناء الدَّين عن الوعاء الذي كان يحتاج إليه في الفقه الإسلامي؛ لأنّ الدَّين بمفهومه في الفقه الإسلامي عبارة عن مالٍ مملوك، وهذا المال المملوك ملحوظ بنحو المعنى الحرفي وليس له وجودٌ في الخارج. إذن: فأين يوجد هذا المال المملوك؟! وإذا لم يكن له وجود خارجي فما معنى كونه مملوكاً؟!
إنّ معنى ذلك هو أ نّه مملوك استطراقاً إلى أن يتحوّل إلى موجود خارجي، وهذه الاستطراقيّة تجعله مشدوداً إلى شخص؛ لأجل أن يقوم ذلك الشخص بتحويله إلى ذلك المال الخارجي. من هنا تصوّرنا مملوكاً عليه، أي صار هذا المال مملوكاً على ذلك الشخص، وهو ما لا يتصوّر إلّابأن يكون هذا المال موجوداً في حيازة ذلك الشخص حتّى يكون مملوكاً عليه. وحيث لا حيازة خارجيّة، فلا بدَّ من فرض حيازةٍ اعتباريّة ملتصقة بذات الشخص عينه، فيكون هذا المال موجوداً في ذلك الوعاء الاعتباري حتّى يصحّ أن يقال: إنّنا ملكنا هذا المال.
أمّا إذا لم يكن عندنا باب اسمه: باب (الملكيّة) و (المالكيّة) و (المملوكيّة)، وإنّما مجرّد التزام من قبل شخص بأن يملك وأن يدفع ديناراً إلى آخر، فلا نحتاج هنا إلى فرض وعاءٍ لهذا الدينار، بل هناك التزامٌ فحسب، ولهذا الالتزام وعاءٌ خارجي تكويني هو نفس الملتزم، فلا نحتاج إلى فرض وعاءٍ اعتباري. من هنا استغنى الفقه الغربي عن ذلك الوعاء الذي احتاج إليه الفقه الإسلامي.
الأمر الثاني:
ومن جملة الآثار المترتّبة على هذا الفرق في تصوّر الدَّين ما أشرنا إليه في بداية الحديث: من أنّ الدَّين- بحسب تصوّر الفقه الغربي- أصبح عبارةً عن