فما يبدو من الباحثين المقارنين للفقه الغربي بالفقه الإسلامي من الاعتراف بأنَّ الملكيّة في الفقه الإسلامي حقّ عيني[1]– فهو بذلك من الملكيّة في الفقه الإسلامي كما في الفقه الغربي- خطأٌ ناتجٌ عن عدم استيعاب مفهوم الدَّين في الفقه الإسلامي، وإلّا فالملكيّة حقٌّ، وقد تكون متعلّقةً بعين خارجيّة، وقد تكون متعلّقة بمالٍ ذمّي؛ أي أ نّها حقّ يتعلّق: إمّا بالمعنى الحرفي للمال، أو بالمعنى الاسمي له، وليست مخصوصةً بالأموال بوجودها الخارجي.
هذا هو الدَّين في تصوّر الفقه الإسلامي.
2- أمّا الدَّين في مفهوم الفقه الغربي، فهو عبارة عن مجرّد التزام من المدين بأن يدفع ديناراً مثلًا للدائن، وهذا الالتزام هو العلاقة التي بلحاظها ينتزع عنوان المديونيّة من الملتزم وعنوان الدائنيّة من الملتزم له، دون أن يكون هناك ملكيّة ومالك ومملوك بالفعل.
وهذا الالتزام يشبهه في فقهنا الإسلامي شرطُ التمليك فيما لو فرض أنْ شرط أحدها على الآخر في المعاملة أن يملّكه مالًا بنحو شرط الفعل، لا بنحو شرط النتيجة، إلّاأنّ هذا الالتزام عندهم يكفي لتصحيح عنوان الدائنيّة والمدينيّة؛ ولهذا يسمّون هذا الدَّين شخصيّاً؛ باعتبار كونه علاقةً قائمة بين الشخصين[2].
وهذا التصوّر للدَّين في الفقه الغربي تترتّب عليه عدّة امور:
[1] انظر: مصادر الحقّ في الفقه الإسلامي 1: 25
[2] هذا عند أصحاب المذهب الشخصي في الالتزام من أتباع المدرسة الرومانيّة، دون أصحاب المذهب المادّي الذين ناهضوا المدرسة الرومانيّة، فراجع: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 1: 107- 109