على هذا- تكون العهدة ثابتةً من قبل الأخير بالنسبة إليه. أمّا الذمّة، فلا ثبوت لها بالنسبة إليه؛ ولذا يجب عليه دفع الكتاب إلى صاحبه، ثمّ يرجع إلى ما قبل الأخير بقيمته.
ج- ما لو فرض أنّ شخصاً ضَمِنَ دَين الغير، وقلنا في الضمان بمذهبٍ لا يقول به أكثر فقهائنا؛ فإنّ أكثر فقهائنا يقولون: إنّ الضمان هو نقل الدَّين من ذمّةٍ إلى ذمّة[1]، وأكثر فقهاء أهل السنّة يقولون: إنّه ضمّ ذمّةٍ إلى ذمّة[2]، وبعض الفقهاء يقولون[3]: إنّ الضمان ليس هذا ولا ذاك، إنّما هو نقل المسؤوليّة، أي التعهّد، بمعنى بقاء المديون الأوّل على حاله، مع تعهّد.
وهنا، إذا قلنا: إنّ الضمان عبارة عن التعهّد، وعن المشاركة بالمسؤوليّة أو نقل المسؤوليّة، فحينئذٍ تكون عهدة هذا الضامن في المقام ثابتةً بالنسبة إليه، أمّا الذمّة فغير موجودة بالنسبة إليه.
د- من يبيع عيناً خارجيّة بعوض؛ فإنّ هذا ليس مديوناً، إلّاأنّ في عُهدته تسليم هذا المال إلى المشتري؛ فهو مسؤول عن ذلك: إمّا مسؤوليّةً قانونيّةً إذا قلنا: إنّ تسليم المبيع أحد الامور الواجبة في نفسه قانونيّاً، بحيث يكون ذلك من شؤون المعاملة؛ وإمّا عبر الشرط الضمني في المعاملة. فهو على أ يّة حال يحمل في عهدته تسليم المبيع، لكنّه لا يُسمّى ديناً.
[1] انظر: الخلاف 3: 314؛ المكاسب والبيع( النائيني) 2: 297؛ مصباح الفقاهة 2: 229. وراجع: البنك اللاربوي في الإسلام: 231، الملحق( 9)
[2] انظر: المجموع( النووي) 13: 434- 435؛ بدائع الصنائع( الكاشاني) 6: 10؛ المغني والشرح الكبير( موفّق الدين وشمس الدين ابنا قدامة) 5: 59؛ الموسوعة الفقهيّة 18: 170
[3] ردّ المحتار على الردّ المختار( حاشية ابن عابدين) 4: 291؛ المدخل الفقهي العام 3: 63