لا للتقارب القائم بين عنوان العين الخارجيّة وبين عنوان العين الكلّيّة.
أمّا الفرق الحقيقي بين الذمّة وبين العهدة، فهو ما أشرنا إليه واتّضح من خلال الكلام، وهو: أنّ الذمّة وعاءٌ لأموال وهميّة تتعلّق بها الملكيّة. أمّا العهدة، فهي وعاء لمسؤوليّات والتزامات. والفرق بينهما على حدّ الفرق ما بين الأحكام التكليفيّة والأحكام الوضعيّة:
أ- فالذمّة وعاءٌ لمصبّ الحكم الوضعي، أي المال الوهمي الاعتباري الذي تعلّقت به الملكيّة، التي هي حكم وضعي.
ب- والعهدة وعاءٌ لالتزامات وتحميلات تكليفيّة ومسؤوليّات قد يوقعها الإنسان على نفسه، وقد يوقعها القانون عليه.
فلزوم الإنفاق على الزوجة من شؤون العهدة، واشتغال الذمّة بالنفقة من شؤون الذمّة، وهكذا .. فدائماً: الذمّة وعاء الأموال المملوكة، والعهدة وعاء الالتزامات المحمّلة، إمّا من قبله، أو من قبل قانونٍ نافذ عليه.
والعبارة التي لعلّها صارت سبباً لانتباه الميرزا النائيني رحمه الله هي ما يقوله فقهاؤنا: من أنّ العين في عهدة الغاصب، فإذا تلفت كانت قيمتها في ذمّته[1]. فتغييرهم للعبارة لم يكن من باب تحوّل الجزئي إلى الكلّي، بل حصول تحوّل من الحكم التكليفي إلى الحكم الوضعي؛ إذ ما دامت العين موجودةً كان هذا الشخص مسؤولًا عن إرجاعها، وهي مسؤوليّةٌ ظرفها ووعاؤها العهدة؛ لأنّ العهدة وعاء المسؤوليّات، ولهذا يقول فقهاؤنا: «يكون في عهدته».
أمّا إذا تلفت العين، فيتولّد شغل الذمّة ويصبح مديناً في المقام بقيمته؛ لأن
[1] راجع مثلًا: المباني في شرح العروة الوثقى( المضاربة والمساقاة): 466. وقد تعرّض الشهيد الصدر قدس سره لهذا البحث في أبحاثه الاصوليّة، فراجع: مباحث الاصول ق 2، 4: 291، 292، 598