3- المقدّمة الثالثة: تحليل عقلائي لمقولة الذمّة
بعد أن عرفنا أنّ الإنسان يصلح لأن يتملّك الأعمال والأموال الخارجيّة، فقد تدعوه الحاجة إلى فرض ملكيّةٍ من دون حضور نفس المملوك بوجوده الخارجي الحقيقي، أي دون أن تسلّط هذه الملكيّة على نفس المملوك بوجوده الحقيقي الخارجي:
أ- إمّا لأنّ المملوك- بوجوده الخارجي- غير متحقّق أصلًا، كمن لا يملك حنطة خارجاً، ومع ذلك يريد أن يملك عليها حنطة، أو نقداً: إمّا بالمعاوضة، وإمّا بغيرها من الأسباب الاخرى.
ب- وإمّا أن يفرض أ نّه يملك بحسب الخارج حنطةً ونقداً وأموالًا كثيرة، لكن مع هذا يريد أن يملك على ذلك حنطة أو نقداً، دون أن يمسّ ذلك حرّيّته بالنسبة إلى أمواله الخارجيّة، بحيث يبقى مطلق العنان في أمواله هذه، يأمر وينهى ويتصرّف. فكيف يتوصّل إلى ذلك؟!
إنّه يقوم باستحداث رمز ومعنى حرفي يشير إلى تلك الموجودات الخارجيّة، ويجعل ذلك المعنى الرمزي أو الحرفي هو مصبّ الملكيّة، وهذا المعنى الرمزي أو الحرفي- الذي سيحدث ويكون مصبّ الملكيّة ومركزها- عبارة عن المال بوجوده الاعتباري، فبدل أن نملّك هذا الشخص منّاً خارجيّاً من الحنطة- فيقع إشكال عدم ملكيّة الآخر للحنطة، أو رغبته في أن يظلّ مطلق العنان في الحنطة التي عنده- نملّكه منّاً اعتباريّاً من الحنطة يملكه بوجوده