الضمان، بحيث إنّ العامل ملّك أو أذن للآخر في استيفاء عمله معيِّناً الضمان في المقام، فيتعيّن الضمان في ذلك الشيء المعيَّن.
والمختار أ نّه- بحسب الارتكاز العقلائي- يدخل في هذا المضاربة والمساقاة والمزارعة والجعالة؛ ففي هذه العقود كلّها يكون عمل العامل مضموناً على المالك، غاية الأمر يعيَّن الضمان خارجاً بالجعل أو بحصّة من الربح، أو بحصّة من الحاصل الزراعي، وهكذا .. فحصّة العامل الثابتة في هذه العقود- المزارعة والمضاربة والمساقاة والجعالة- ثابتةٌ بقانون الضمان، بحيث لو لم يكن هناك مضاربة ومساقاة ومزارعة تعيّنت اجرة المثل؛ فهذه العقود تحوّل اجرة المثل إلى المقدار المقرّر المتّفق عليه بين المالك والعامل.
وعليه: فهنا ضمان بمعيّن، مثل المعاطاة؛ ففي المعاطاة غير البيعيّة يقع الضمان بعين خارجيّة معيّنة، والعمل من هذه الناحية من سنخ الأعيان الخارجيّة؛ إذ العمل:
تارةً يملّك أو يؤذن به مجّاناً، فيكون الضمان ساقطاً لا محالة.
واخرى يملّك أو يؤذن به على وجه الضمان على الإطلاق.
وثالثةً يؤذن به على وجه الضمان في مقابل شيء معيّن متّفق عليه.
وفي تمام هذه الموارد يملك العامل مقداراً من المال بعنوان الضمان والتعويض عن الخسارة الناتجة عن إنفاق عمله على غيره.
هذا تمام الكلام في الأسباب الثانويّة التي تتفرّع على الحيازة في المقام.
وبهذا استطعنا أن نستحضر في أذهاننا صورةً عن السلطنات الثابتة للإنسان بتسلسلها الأعمّ من الواقعي وغيره، والتي يمكن إرجاعها- كلّاً أو جلّاً- إلى التملّك بالحيازة.