الاستئمان [يسقط] عقلائيّاً كلا الاستعدادين: استعداد التمليك واستعداد الضمان؛ ذلك أنّ يد الاستئمان تعدّ في الحقيقة يد المستئمِن عينه، ومن شؤون المستئمن وأدواته، كأ نّما تصبح يد المستئمن ممتدّة ويد الأمين كأ نّها يدٌ جديدة للمستأمَن، ومن المعلوم أ نّها لا تقتضي الملكيّة؛ لأنّها بهذا اللحاظ منظور إليها بوصفها يد المالك الأوّل نفسه؛ فلا معنى لأن تقتضي ملكيّةً اخرى. كما أ نّه لا معنى لاقتضاء الضمان فيها؛ للسبب عينه، وهو اتّحادها عقلائيّاً مع يد المستأمن؛ فيسقط بذلك كلا الاستعدادين فيما إذا اعطيت صفة الاستئمان.
الصورة الثانية: أن لا يُفرض أنّ اليد الاولى أعطت صفة الاستئمان، بل كانت اليد الثانية يد عدوان، فهنا تؤثّر هذه اليد في الضمان دون الملكيّة. أمّا التأثير في الضمان، فبلحاظ سبق اليد الاولى. وأمّا عدم التأثير في الملكيّة، فباعتبار تحكيم نظر اليد الاولى في كيفيّة تحديد اقتضاء تمليك اليد الثانية.
الصورة الثالثة: أن يُفرض أنّ صاحب اليد الاولى يرفع المانع من إطلاق عنان اليد الثانية في اقتضاء التمليك، أي أ نّه يُمضي اليد الثانية بما هي تسليط وتسلّط كامل على هذا المال، أو يرضى بتأثير اليد الثانية في التملّك. وفي هذه الصورة تندرج حالات ثلاث:
الحالة الاولى: أن يرضى بذلك مجّاناً، فإذا كان كذلك تكون هبة، فتؤثّر اليد في الملكيّة دون الضمان. أمّا أ نّها تؤثّر في الملكيّة؛ فلأ نّها بطبعها تقتضي ذلك. وأمّا أ نّها لا تقتضي الضمان؛ فلأنّ صاحب اليد الاولى رفع يده عن حقّه.
ومن الغريب جدّاً أن يكون هذا هو مرجع القبض في الارتكاز العقلائي.
الحالة الثانية: أن يُفرض أنّ المالك الأوّل يرضى بذلك، لكن لا مجّاناً، بل على وجه الضمان؛ فيقول: «لا بأس بأن تؤثّر هذه اليد في الملكيّة، لكن مع هذا فأنا لا أرفع يدي عن حقّي رأساً، بل تؤثّر هذه اليد في كلا المقتضيين في