الانتقال والخروج من نطاق ملكيّات الذات إلى نطاق ملكيّات الأعيان الخارجيّة، على أساس أنّ الإنسان إذا حاز شيئاً أو عمل فيه وعالجه، يرى الارتكاز العقلائي وكأنّ العمل انصبّ فيه فأصبح نتيجةً له، وبلحاظ صيرورته نتيجةً كذلك يظهر تقريباً نوعٌ من الاختصاص، كأنّ العمل سرى في المادّة الخارجيّة.
ولهذا كان التملّك بالحيازة أوّل ملكيّة اعتباريّة تثبت بحسب الارتكاز العقلائي؛ على أساس أنّ الحيازة والعمل في المقام كأ نّهما يُنتجان شيئاً خارجيّاً، فتحصل علقة الاختصاص عقلائيّاً[1].
وقلت: الحيازة أو العلاج، قاصداً بذلك الإشارة إلى أنّ أنحاء الأعمال المملِّكة تختلف- بحسب الارتكازات العقلائيّة- من موردٍ لآخر؛ فقد يكون المملِّك هو وضع اليد على شيء، كما في حيازة الثروات المنقولة، كحيازة الماء والحجر، وقد يكون أعمالًا أزيد من ذلك، كإحياء الأرض الميتة، أو نحو ذلك، فيختلف نحو العمل الذي يبذل في مقام التملّك بمناسبات الحكم والموضوع المركوزة في الأذهان العقلائيّة والممضاة شرعاً، ويختلف من نوعٍ من العمل إلى نوعٍ آخر، ومن نوعٍ من الثروة إلى نوعٍ آخر، ولهذا عبّرنا بالحيازة أو العلاج.
ولا اريد بالعلاج في المقام ما جاء في تقريرات سيّدنا الاستاذ (مدّ ظلّه)[2]، حين اعتبر العملَ هو الحيازة والعلاج، من قبيل أنّ الإنسان بعد أن يحوز خشباً يصنع سريراً، والسريريّة هنا صارت بالعلاج، فليس المقصود هذا؛ إذ السريريّة هنا لم تُملك باعتبار العلاج، وإنّما كان السرير ملكاً باعتبار ملكيّة
[1] راجع مثلًا: اقتصادنا: 385( دور العمل في التوزيع)، 613( تعميم المبدأ النظري للحيازة)
[2] مصباح الفقاهة 1: 9؛ 2: 5