وحواسّنا لا تدرك منها إلّاشيئاً ضئيلًا جدّاً، فلو جاء وسواسيّ وافترض الملكيّة أمراً خارجيّاً، لكن ممّا يدرك بحاسة البصر أو السمع، فكيف يمكن أن يقال له:
إنّ الوجدان شاهد على أ نّه لم يحدث شيءٌ؟! فلعلّه قد وقع شيء خارج نطاق النافذة التي نبلغ بها العالم الخارجي. فهذا أيضاً ليس برهاناً في المقام.
فالصحيح: استعراض الأمر من ناحية تاريخيّة، وإلّا فالأمر أوضح من أن يساق في براهين.
وبهذا ينتهي الكلام في المقدّمة الاولى التي كانت معقودةً لعلاج التقسيم العرضي والافقي لأقسام الملكيّة؛ حيث إنّ ملاحظة هذه الأقسام بما هي مفاهيم متباينة يجعل التقسيم افقيّاً.
2- المقدّمة الثانية التراتبيّة العموديّة لأنواع الملكيّة ونشوء مقولة العهدة
في المقدّمة الثانية نستفيد من نتائج البحث في المقدّمة الاولى للقيام بتقسيم عمودي بدلًا عن الافقي؛ فيقال:
إنّ المستخلص ممّا سبق هو أنّ أوّل ملكيّة تتعلّق بالإنسان- بقابليّاته وطاقاته- هي ملكيّة اللَّه سبحانه و تعالى بالمعنى الذي بيّنّاه، وهو المولويّة، أي كون اللَّه سبحانه و تعالى أولى بالإنسان من نفسه؛ فهذه هي الملكيّة الاولى التي تتعلّق به.
ثمّ وفي طول هذه الملكيّة توجد ملكيّةٌ اخرى، وهي عبارة عن ملكيّة الإنسان لنفسه وشؤونها وأطوارها، وهذه الملكيّة مرجعها في الحقيقة إلى أ نّه