أمراً واقعيّاً خالصاً خارج حدود هذه الأنظار.
وهذا الكلام لا بدّ أن يستعمل أيضاً منبّهاً لا أكثر، وإلّا فوضوح الأنظار في نفسها- بقطع النظر عن اختلاف موضوعها في كونها إنشائيّة- مغنٍ عن الالتفات إلى هذه النكتة.
ولو فرض أنّ الأنظار في نفسها لم تكن واضحةً في الإنشائيّة، فلا يسلّم حينئذٍ في أنّ اختلافها اختلاف في النظر الإنشائي، فلعلّه اختلاف في النظر الإخباري، فكون هذا الاختلاف اختلافاً بحسب النظر الإنشائي فرعُ وضوحِ أن يكون كلّ نظر منهما نظراً إنشائيّاً في نفسه.
البرهان الثالث: ما ذكره المحقّق الإصفهاني رحمه الله[1]، وحاصله: الإحالة على الوجدان، لكن لا الوجدان بالنحو الذي قلناه، من أنّ كلّ إنسانٍ يواجه ظاهرة الملكيّة في مجتمعه، فلينظر إليها، هل هي تشريعيّة أم أ نّها أمر واقعي؟
وهي الإحالة التي اعتبرناها مغنيةً عن هذا البحث، وإنّما إحالةٌ اخرى قصدها المحقّق الإصفهاني رحمه الله، وهي بمعنى أن ينظر كلّ منّا إلى وجدانه إذا باع كتابَه للآخر، فهل يحدُث شيءٌ في الخارج- في الكتاب أو في المشتري أو البائع- لم يكن- أي هذا الحادث- موجوداً فيه من قبل؟!
وهذه الإحالة على الوجدان مبنيّةٌ على دعوى أنّ النافذة التي يطلّ منها الإنسانُ على العالم نافذةٌ كفيلة بأن تريه كلّ ما يقع فيه، فهي قائمةٌ على سعة هذه النافذة كما كان يتخيّل في العصور القديمة.
أمّا إذا عرفنا أنّ هذه النافذة ليست نافذةً إلّاعلى مقدار ضئيل ممّا يقع خارجاً فلن ينفع ذلك في المقام؛ لأنّنا ندرك الامور الخارجيّة بحواسّنا،
[1] حاشية كتاب المكاسب( الإصفهاني) 1: 26