كتب حاشية (المكاسب) لبيان الامور الواقعيّة التي خفيت على الشيخ الأنصاري رحمه الله، إلّاأنّ مراده هنا من هذا الاستدلال هو الاستدلال باختلاف الأنظار الإنشائيّة لا الأنظار الإخباريّة.
وتوضيح ذلك: أنّ الأنظار:
تارةً: تختلفُ في شيءٍ على نحو التكاذب، بحيث يقول الطرف الأوّل للثاني: أنت كاذب في نظري، من قبيل قصّة المسيح عليه السلام بالنسبة للمسيحيّين والمسلمين. وهذا اختلاف مقرونٌ بالتكاذب، حيث يكذب كلّ منهما الآخر؛ لأنّ النظر هنا نظرٌ حكائي إنبائي.
واخرى: يكون اختلاف الأنظار في الأنظار الإنشائيّة لا الإخباريّة، أي أنّ كلّ واحد منهما مختلفٌ مع الآخر في وجهة نظره، لكنّ الطرفين يسلّمان بالأمر من وجهة نظر الطرف الآخر بحسب نظره:
فالمسلم حينما يُسأل عن مملوكيّة الخمر عند العقلاء يجيب بالإيجاب، بيد أ نّه يعقّب ذلك بأنّ الخمر عينه غير مملوك عندنا بوصفنا مسلمين.
وهكذا الاشتراكي عندما يُسأل عن ملكيّة الإنسان لريع عقاره في المجتمع الرأسمالي، فإنّه يجيبنا بالإيجاب، لكنّه- من وجهة نظره- ظلمٌ؛ إذ الأصحّ والأحسن عدم جعل الملكيّة في المقام، فهو يميّز بين نظره ونظر غيره، وهذا معناه وجود اعترافٍ ما بواقعيّة الملكيّة، وهو ما لا يمكن الالتزام به إلّامع فرض كون الملكيّة أمراً إنشائيّاً؛ إذ لو فرضت أمراً واقعيّاً خارجيّاً ثابتاً بقطع النظر عن جعل الجاعل واعتبار المعتبر، فلن تكون حينئذٍ واقعاً نسبيّاً قد يختلف الناس فيها، لكن اختلافاً مطلقاً لا اختلافاً نسبيّاً، تماماً كما يختلفون في قصّة السيّد المسيح عليه السلام، فحيث يختلفون اختلافاً نسبيّاً- حيث يعترف كلّ منهما بحقّيّة نظر الآخر نسبيّاً- يكشف ذلك عن أنّ الملكيّة أمرٌ إنشائي جعلي، وليست