إلى أنّ الملكيّة اعتباريّةٌ؛ كونها لا تحتاج إلى موضوع، مع أنّ الأعراض الحقيقيّة تحتاج إليه بحسب الواقع الخارجي، فالملكيّة لا تحتاج إلى موضوع بحسب الخارج؛ ذلك أ نّكم:
أ- إن فرضتم أنّ الموضوع هو المال المملوك والملكيّة هي العَرَض، فنفرض الكلام في الكلّي الذمّي؛ فإنّ الملكيّة كما تتعلّق بالأعيان الخارجيّة تتعلّق بالكلّي الذمّي، والكلّي هذا ليس أمراً موجوداً بحسب الخارج، كما في بيع السلف وبيع مَنّ مِنَ الحنطة في ذمّته، فالكلّي الذمّي موضوعٌ للماليّة، مع أ نّه لا خارجيّة له.
ب- وإن فرضتم أنّ الموضوع عبارةٌ عن المالك، فتكون الملكيّة عرضاً قائماً بالمالك، فيكون الكلام في ملكيّة الجهة- أو ما يسمّى اليوم بالشخصيّات المعنويّة[1]– والعناوين الكليّة، كالفقير، فهنا قد يفرض الفقير مالكاً مع عدم وجوده في الخارج بمعنى إسلامي صحيح؛ فتفرد له حصّةٌ من الضرائب الإسلاميّة. وعليه، يلزم بقاء العرض بلا موضوع؛ فعدم احتياج الملكيّة إلى موضوع خارجي دليلٌ على أ نّها أثرٌ اعتباريّ وليست أمراً واقعيّاً.
إلّاأنّ هذا الكلام من هؤلاء الأعلام غير صحيح؛ وذلك:
أوّلًا: إنّ هذا الكلام في شقّه الأوّل لو صحّ، فإنّه يُثبت عدم كونّ الملكيّة من الأعراض الخارجيّة على حدّ عرضيّة الكيف والكمّ، دون أن يبطل أصل واقعيّتها في مقابل اعتباريّتها كما هو محلّ الكلام؛ فإنّ كونها أمراً واقعيّاً لا ينافي عدم احتياجها إلى موضوع خارجي؛ إذ كثيراً ما لا تحتاج الامور الواقعيّة إلى موضوعٍ خارجي؛ فإمكان الإنسان أمرٌ واقعي غير مجعولٍ بقانونٍ من القوانين، فالإنسان
[1] راجع مثلًا: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد 5: 288